بارك الله في أخينا وحبيبنا المكرم ابراهيم وأخينا وحبيبنا المكرم عرفت طريقي
قال تعالى في محكم الذكر الحكيم :
وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ
لعل المتدبر الفطن يعرف ما في هذه الآية من علم مكين ، فلقد تأملت كتابات المتخصصين في علوم الكون والفلك
وذهبوا في تحصيلاتهم الى نظريات مختلفة وأحيانا متناقضة وعلمها ناقص أو يكاد يكون منعدم بتكذيب الحق
من كتاب الله العليم الحكيم الذي أحاط بكل شيء علما ، واتجهت الأبحاث اتجاهين أو فرضيتين اما أن يكون
هذا الجسم ضخما وأكبر من حجم الارض وهو خارج منظومة المجموعة الشمسية أو أن يكون مساويا أو
أقل قليلا من حجم الشمس وفي هذه الحالة نكون نعيش في نظام نجمي ثنائي أو أنه مجرد كوكب صغير
يخضع لجاذبية الشمس أو لكواكب ضمن المجموعة الشمسية وحتي الآن فان الأبحاث التي تعتمد على
الرصد للأجرام السماوية بالاشعة فوق الحمراء أو باجهزةiras لم ترصد فعليا حتي الآن جسما كونيا
يقع علي حافة النظام الشمسي ، الا أن ما نسب لتقرير الوكالة ناسا صدرفي عام1983 برصد جسم غامض
عن طريق هذه الاجهزة مع احتمال أن يكون هذا الجسم اما مذنبا يكمل دورته على مدى طويل أو كوكب
بعيد جدا عن المنظومة الشمسية أو' قزما بني اللون' يدور علي مسافة كبيرة من المنظومة الشمسية
وهو ما دعم اعتقاد الكثيرين أن هذا القزم البني اللون هو ذلك الكوكب المجهول وأن وجود هذا الجسم
البعيد يفسر تلك التغيرات التي تحدث في كل من كوكبي أورانوس ونيبتون، وهو ما دفع علماء ناسا لأن
يطلقوا عليه' الجسم ما وراء نبتون'، وفقا لنظرية تأرجح المدارات فان هذا الجسم يقع خلف النظام
الشمسي على بعد123 بليون كيلو متر من الشمس وأن كتلته تفوق كتلة الأرض ما بين4 الي8 مرات
ويسير على مدار منحرف بشكل كبير عن بقية مدارات الكواكب ، فهل هذا هو الكوكب المجهول المدمر
المتربص بالأرض على كل هذا البعد الزمني ، وأقول بتوفيق من الله لكل من نسي أن السموات والأرض
آية من آيات الله فهكذا يكون مبلغه من العلم .
وهذا التساؤل المريب يطرحه كل من لم ينتفع بما جاء في الذكر الحكيم من علم غزير بعلم
الله وحكمته في تصريف أمره في خلقه ، و الذي بين كل الحقائق وقطع الشك باليقين
فلا ينفع أمثال هذه التساؤلات لمن كان معاجزا وعلمه ناقص أو مكابرا أو جاحدا بآيات الله ، لأن تصريف الأمور في هذا الكون
البديع انما هو قائم بقدرة الله والمؤمن يعرف قدرة الله المحيطة والمهيمنة ويعلم أن الحق هو من الله
فيزداد ايمانه بالله ويزداد خوفه من الله ، أما المعاجزين كابروا بعلمهم واعتقدوا في معارفهم الهشة
ولم يتدبروا ويتأملوا ما جاء في كتابه وذكره المحفوظ لأنهم لو درسوه وعلموا ما فيه من حق لتهذبت
أوصالهم واستقاموا وآمنوا وشكروا لله ، فالمعارف في علم الكونيات لم يرق الى معرفة أسسه اليقينية الحقة
ولو ارتقت المعارف بأسسها الحقة لتبين لهم أنه الحق واذا علموا ذلك لانتهوا من مكابرتهم وعلموا قدر الله الذي هو معجزهم
رغم كل ما انتهت اليه علومهم ودراساتهم بخصوص هذه العلوم فالبعد والقرب هما نسبيان اذا تنزل أمر الله
فالله تعالى يقول في محكم كتابه العزيز
قال تعالى ( ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَٰوَٰتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ ٱلأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِّتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً ) الآية .
كبرهان عظيم معجز أنه من عند الله الذي أحاط بكل شيء علما ومن كل سبب في هذه الآية
العجيبة من خلق الله تعالى والتي لا يستطيع المكابرون الاحاطة بكافة تفاصيلها
العميقة ، انها آية عظيمة من آياته سبحانه خلق السموات والأرض ولا فتح
في هذا الخلق الا بتمكين من الله العلي القدير وبهذا تكون كل الأبعاد قائمة بعلمه تعالى
فقوله تعالى يتنزل الأمر بينهن فسره قوله تعالى :
( لِتَعْلَمُوا أنَّ اللَّهَ على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ) الآية، يقول تعالى ذكره: ينزل قضاء الله وأمره بين ذلك كي
تعلموا أيها الناس كنه قدرته وسلطانه، وأنه لا يتعذّر عليه شيء أراده، ولا يمتنع عليه أمر شاءه،
ولكنه على ما يشاء قدير وأنَّ اللَّهَ قَدْ أحاطَ بِكُلّ شَيْء عِلْماً يقول جلّ ثناؤه: ولتعلموا أيها الناس
أن الله بكل شيء من خلقه محيط علماً، لا يعزُب عنه مثقالُ ذرّة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر
من ذلك ولا أكبر ، يقول جلّ ثناؤه: فخافوا أيها الناس المخالفون أمر ربكم عقوبته، فإنه لا يمنعه من
عقوبتكم مانع، وهو على ذلك قادر، ومحيط أيضاً بأعمالكم، فلا يخفى عليه منها خاف، وهو محصيها
عليكم، ليجازيكم بها ، يوم تجزى كلّ نفس ما كسبت ، وبهذا يسلم كل اعتقاد فاسد لم يبلغ الى معرفة
صحيحة تهذب كيانه وأركانه ويعرف قدرة الله العلي الكبير ويخشع
قلبه لمانزل من حق ، اذن فأمر الساعة كلمح البصر فويل للمكذبين والمكابرين الذين يرون
كل أمر بعيد التحقق أو مستحيل التحقق وهم ما أدركوا قدرة الله المطلقة على كل شيء بعلم أحاط بكل شيء فهو
لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء يحييها ويفنيها في لمح البصر .
وكي تعلموا أيها الناس كنه قدرته وسلطانه وبلوغ أمره ، وأنه لا يتعذّر عليه
شيء أراده، ولا يمتنع عليه أمر شاءه في خلقه وملكوته، وانه على ما يشاء قدير
يصرفه في وقته وحينه فلا يدخلكم العجب في هذا الخلق
العجيب والبديع بآياته وأسراره ويتنزل فيه الأمر بالحق
حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال: التقى أربعة من الملائكة
بين السماء والأرض، فقال بعضهم لبعض: من أين جئت؟ قال أحدهم: أرْسلني ربي من السماء
السابعة، وتركته ثم قال الآخر: أرسلني ربي من الأرض السابعة وتركته ثم قال الآخر: أرسلني
ربي من المشرق وتركته ثم قال الآخر: أرسلني ربي من المغرب وتركته ثمّ.
فتأملوا قول الله عز وجل :
وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي
قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء
وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَمَا هِيَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْبَشَرِ
فمن هذه الآية الكريمة يتبين أن أمر الله يتنزل بالحق فلا يغتر أحد بعلمه أو تكهناته وعلى العباد
التسليم والتصديق بما جاء في الكتاب وأن أمره قد يأتيكم بغثة وأنتم غافلون .
عن أبي ذر أن رسول الله قال يوما: " أتدرون أين تذهب هذه الشمس "؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: " إن هذه تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة فلا تزال كذلك، حتى يقال لها: ارتفعي ارجعي من حيث جئت، فترجع فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري حتى تنتهي إلى مستقرها تحت العرش فتخر ساجدة، ولا تزال كذلك حتى يقال لها: ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع فتصبح طالعة من مطلعها، ثم تجري لا يستنكر الناس منها شيئا حتى تنتهي إلى مستقرها ذاك تحت العرش، فيقال لها: ارتفعي اصبحي طالعة من مغربك، فتصبح طالعة من مغربها، فقال رسول الله أتدرون متى ذاكم؟ ذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أخرجه البخاري بدء الخلق (3027) ، مسلم الإيمان (159) ، الترمذي تفسير القرآن (3227) ، أبو داود الحروف والقراءات (4002) ، أحمد (5 / 165).
وأخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الإيمان
قال تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) الآية
يخبر تعالى عن عظمته وكبريائه الذي خضع له كل شيء ودانت له الأشياء بأسرها جماداتها وحيواناتها ومكلفوها من الإنس والجن والملائكة، فأخبر أن كل ما له ظل يتفيأ ذات اليمين وذات الشمال، أي: بكرة وعشيا، فإنه ساجد بظله لله تعالى
قال تعالى( أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ) الآيات .
فسجود الشمس تحت العرش سجود حقيقي وأنى لأصحاب العلم الناقص والمهزوز أن يدركوا معنى هذا السجود ويحيطوا بآيات هذا السجود .
ففي قول رسول الله مستقرها تحت العرش قال: " لا ننكر أن يكون لها استقرار تحت العرش من حيث لا ندركه ولا نشاهده وإنما أخبرنا عن غيب فلا نكذب به ولا نكيفه؛ لأن علمنا لا يحيط به... ثم قال عن سجودها تحت العرش: وفي هذا إخبار عن سجود الشمس تحت العرش فلا ينكر أن يكون ذلك عند محاذاتها العرش في مسيرها والتصرف لما سخرت له
فليعتبر الناس بذكر الله الحكيم القائل في محكم كتابه العزيز :
لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَن ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ
بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلا هُمْ يُنظَرُونَ