الإمام ناصر محمد اليماني
01 - صفر - 1430 هـ
27 - 01 - 2009 مـ
10:50 مساءً
ــــــــــــــــــــــ
يا معشر المهديِّين إنكم تنقسمون إلى ثلاثٍ كما علّمني الله بالقرآن العظيم..
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسلين والحمدُ لله ربّ العالمين، وبعد..
يا معشر المهديِّين في العالمين، إني أراكم في القرآن العظيم من بعد ما تبيّن لكم الحقّ سوف تنقسمون إلى ثلاث جماعاتٍ:
1- فمنهم ظالمٌ لنفسه عرف الحقّ وأعرض عنه ويرى أنه خيرٌ وأعلم، فظلم نفسه.
2- ومنكم صدَّق واكتفى بالتصديق ولم ينفق وأولئك المُقتصدون المؤمنون بأنّ ناصر محمد اليماني المهديّ المنتظَر ولكنهم لم يرقوا إلى درجة اليقين بشأن ناصر محمد اليماني ولذلك اكتفوا بالتصديق ولم ينفقوا خوفاً أن لا يكون هو المهديّ المنتظَر.
3- ومنكم أحباب الله الموقنين السابقون بالخيرات صدَّقوا وأنفقوا نُصرةً للحقّ من ربّ العالمين وفازوا بحُب الله وقربه ورضوان نفسه وكذلك الذين لا يجدون ما ينفقون؛ أولئك صفوة المهديِّين أحباب الله ربّ العالمين. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الحقّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ۗ إِنَّ اللَّـهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴿31﴾ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّـهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ﴿32﴾} صدق الله العظيم [فاطر].
فأمّا الذين ظلموا أنفسهم، فكلٌ منهم استمر في عقيدته الأولى بأنّه هو المهديّ المنتظَر وأنّه ليس من المهديِّين إلى المهديّ المنتظَر، أولئك سبب فتنتهم عرش الخلافة كما كانت فتنة إبليس ولذلك لم يسجد لآدم بالطاعة لأنه يرى أنّه أولى من آدم بالخلافة وخيرٌ منه وأعلم، وغضب من الله لماذا يُكَرِّم آدم عليه فهو يرى أنّه أولى بالخلافة من آدم ويرى أنه خيرٌ من آدم، ولذلك لم يسجد له برغم أنه يعلمُ أنّ آدم خليفة الله المصطفى، وزاغ عن الحقّ ثم أزاغ الله قلبه ولعنه وطرده من رحمته، ولو قال ربِّ اغفر لي لوجد الله غفوراً رحيماً، ولكنه قد أخذته العزّة بالإثم وطلب من الله أن يُنِظره فيؤخِّره ليصدّ عن الحقّ وهو يعلم أنّه الحقّ ويدعو للباطل وهو يعلم أنّه الباطل، ثم أجابه الله ليزداد إثماً ويبتلي به عباده. وقال الله تعالى: {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا ﴿62﴾} صدق الله العظيم [الإسراء].
وسبب عدم سجود إبليس لآدم هو عدم رضوانه باصطفاء الله لآدم ويرى أنّه خيرٌ وأولى، وأما الملائكة الذين كانوا يعتقدون أنّ خليفة الله سوف يصطفيه الله منهم فبرغم أنّهم لم يكونوا راضين باصطفاء آدم ليس بزعمهم أنه سيفسد فيها ويسفك الدماء، وإنما ذلك تحججٌ منهم بل يرون أنهم أولى، ولذلك قالوا: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} صدق الله العظيم [البقرة:30].
بل يرون أنهم أولى، وهو المقصود من قولهم: {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ} أي ألسنا أحقّ أن تصطفي خليفتك من الملائكة {وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ}؟ ولكنهم سجدوا طاعة لله وخشية منه. وقال الله تعالى: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن طِينٍ ﴿71﴾ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴿72﴾ فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ ﴿73﴾ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿74﴾ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ﴿75﴾ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿76﴾ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ ﴿77﴾ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ ﴿78﴾ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿79﴾ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴿80﴾ إِلَىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ﴿81﴾ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿82﴾ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴿83﴾ قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ﴿84﴾ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿85﴾} صدق الله العظيم [ص].
ويا معشر المهديِّين من الذين أورثهم الله علم الكتاب إنّ منكم ظالمٌ لنفسه، وأوحى الله إليه إنّه المهديّ أي المهديّ إلى علم الهدى وكان يظنّ نفسه أنّهُ علم الهدى بذاته المهديّ المنتظَر خليفة الله ربّ العالمين! حتى إذا تبيّن له أنّه ليس إلا من المهديِّين إلى المهديّ المنتظَر خليفة الله ربّ العالمين ومن ثم لم يرضَ بالحقّ بعد ما تبيّن له أنّه الحقّ من ربه، وقال كما قال إبليس: {أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ} واستكبر وأبى السجود لخليفة ربّه المُصطفى حتى غضب الله عليه ولعنه ثم ازداد إصراره على الباطل ولم يقل ربّي اغفر لي ولو قال ذلك لوجد الله غفوراً رحيماً، ولكنه قال: {رَبِّ فَأَنظِرْنِي}، أي أَخِّرني وذلك من باب التحدي للعداء لخليفة ربِّه وذريته ليُضلَّهم عن الصراط المُستقيم. ومن ثم جعله الله إماماً للكُفر يدعو إلى الكفر وهو يعلم أنّه على باطل ثم وعده الله ومن تبعه بنار جهنم. تصديقاً لقول الله تعالى: {قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ﴿84﴾ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿85﴾} صدق الله العظيم [ص].
ويا معشر المهديِّين، إنّ كرسي الخلافة الشاملة ذو درجةٍ لا تنبغي إلا أن تكون لعبدٍ واحدٍ من عباد الله الصالحين، ولكنّ لها شرطٌ وحتى ولو اصطفى الله عبداً ولم يعلم بحقيقة شرطها فحتماً سوف يفشل ولن تدوم له كما ذهبت من آدم وتذهب منه إلى سواه إلى من هو أهل لها، ولها وسيلة في الكتاب وظنّ عباد الله المُقربين من الأنبياء والمرسلين والصدِّيقين أنّ شرطها أن يكون أحبّ عبدٍ وأقربَ عبدٍ لربّ العالمين، وظنوا كذلك أنّ الوسيلة هي أن يكون أحبّ عبدٍ وأقرب عبدٍ إلى ربه ولذلك تنافسوا على درجة الحُبّ والقرب من ربّهم. وقال الله تعالى: {يَبْتَغُونَ إِلَىٰ ربّهم الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} صدق الله العظيم [الإسراء:57]. والبيان لقوله تعالى: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴿٥٧﴾}؛ أي يرجون جنته ويخافون ناره.
ويا معشر الطامعين في درجة الخلافة الشاملة للأولى والآخرة فيتمنّون الفوز بها أُقسم بالله ربّ العالمين لو اصطفى الله أحدكم لما دامت له ويذهبها الله منه إلى سواه إلاَّ من يعبد الله كما ينبغي أَن يُعبد. تصديقاً لقول الله تعالى: {أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ ﴿24﴾ فَلِلَّـهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ ﴿25﴾} صدق الله العظيم [النجم].
والبيان الحقّ لهذه الآية أنّ الذي عبد الله كما ينبغي أن يُعبد فقد حقّق الهدف الذي خلقه الله من أجله. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴿56﴾} صدق الله العظيم [الذاريات].
ولذلك سوف يؤتيه الله ملكوت الأولى والآخرة ومن ثم يفتدي بالبعوضة فما فوقها من الملكوت، بمعنى لو أدخل الله كُل شيء في رحمته إلا بعوضةً واحدةً أخرجها الله عن ملكوت هذا العبد لتكون في نار جهنم ومن ثم يقول الله تعالى لهذا العبد إنّ هذه البعوضة قد حكمنا عليها بالخلود في نار جهنم إلا أن يفتدي هذه البعوضة بما فوقها من الملكوت كله، ثم يعلم الله ويشهد بأن هذا العبد لن يحزن شيئاً على عرش الملكوت؛ بل سوف يفرح فرحاً كبيراً ويكبِّر الله تكبيراً ثم يقول: "إنّي أُشهِدك ربّي أنّي افتديتُ هذه البعوضة من عذاب الخلود في نار جهنم بما آتيتني من الملكوت كُله عن طيب نفسٍ وانشراح صدرٍ من غير أسىً ولا حُزنٍ شيئاً، وأنت على ذلك لمن الشاهدين".
فلماذا يا معشر المُتقين الذين لن يملكوا من الرحمن خطاباً يوم القيامة، فهل منكم من يشتري بعوضةً بالملكوت كُله؟ حتماً لا. ولكنّي أُقسم بالله الذي لا أعبدُ سواه أنّي لا أتوقف عند ذلك؛ بل لو يقول لي ربي بعد أن افتديت بعوضة بالملكوت كُله ثم يأبى ويقول: بل افتديها بنفسك أنت واقذف بنفسك في نار جهنم حتى إذا قذفت بنفسك في سواء الجحيم في نار جهنم ومن ثم سوف يخرجها ربّك فور أن تُلقي بنفسك في نار جهنم ثم يخرجك ويحقق هدفك النّعيم الأعظم فيكون ربك راضياً في نفسه.
وأقسم بالله العلي العظيم البر الرحيم الذي يحيي العظام وهي رميم أني سوف أفعل ذلك لو لم يتحقق هدفي إلا بذلك، ومنه التثبيت على ذلك. والله على ما أقول شهيد ووكيل، فلماذا وقد رضي الله عني وجعلني خليفته على ملكوت كُلّ شيء من البعوضة فما فوقها وآتاني ملكوت الدنيا والآخرة، فماذا أبغي بعد ذلك في نظركم؟ ولكني أعلم بنعيمٍ هو أعظم من ذلك كله؛ أقسمُ بالله ربّ العالمين، وهو أن يكون الله راضياً في نفسه وليس مُتحسراً على عباده، وإني لستُ مُتحسراً على عباد الله بل حسرتي من حسرة من هو أرحم بعباده من عبده الله أرحم الراحمين، وليس افتداء البعوضة رحمةً مني؛ بل لتحقيق الهدف فيكون الله راضياً في نفسه، وذلك هو النّعيم الأعظم بالنسبة لي والله على ما أقول شهيدٌ ووكيلٌ، فهل منكم من سوف يفعل ذلك؟ وفي ذلك سرّ الوسيلة للإمام المهديّ خليفة الله على الملكوت كُله من البعوضة فما فوقها الذي سوف يهدي الله به الناس أجمعين إلا شياطين الجنّ والإنس الذين علموا أنّه الإمام المهديّ الحقّ من ربّهم فلما رأوه زُلفةً سِيئَت وجُوههم لأنهم يعلمون أنّ هلاكهم قد اقترب ما دام بَعَثَ اللهُ الإمامَ المهديّ الحقّ من ربّهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَـٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ ﴿27﴾} صدق الله العظيم [الملك].
وما هو هذا الذي كانوا به يدَّعون؟ إنها المهدِّية بغير الحقّ عن طريق الممسوسين من الشياطين الذين يَؤُزّونَهم بأَنّ يدَّعي كُلٌ منهم أنّه الإمام المهديّ على مرّ العصور حتى إذا رأوه زلفةً ببعث الإمام المهديّ {وَقِيلَ هَـٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ} أي هذا هو الإمام المهديّ الذي كنتم به تدّعون فمنهم من اتّبع الحقّ ومنهم من أخذته العزّة بالإثم وحسبه جهنّم وبئس المهاد.
ويا نسيم، لا تكن كمثل الشيطان الرجيم الذي أخذته العزّة بالإثم ولا تقل كما قال شياطين البشر سمعنا وعصينا فأنت جزء من هدفي وغايتي وأقسمُ بربّ العالمين لو يخيّرني الله ما بين دخولك جهنم أو أفتديك بدرجة الخلافة الشاملة لافتديتك بها، فكيف لا أفتديك بها وأنا سوف أفتدي بها حتى بعوضة بما فوقها من الملكوت أجمعين! وذلك لأنّ درجة الخلافة ليست غايتي شيئاً؛ بل غايتي هو نعيمٌ أعظم من نعيم الآخرة والأولى وهو أن يكون الله راضياً في نفسه ليس مُتحسراً على عباده.
ويا أخي نسيم، أرأيت لو عصاك ولدك سنين عدداً ومن ثم ألقيتَ به أنت في نار جهنم فهل تراك سوف تقعد مسروراً بذلك؟ حاشا لله، إنَّ حسرتك على ولدك ستكون كُبرى مهما عصاكَ فما بالك بحسرة من هو أرحم بولدك منك الله أرحم الراحمين؟ فسلني عن الرحمن فأخبرك بحاله فأنا العبد الخبير بالرحمن وأنا عبده الخبير به فقد وجدته ليس سعيداً في نفسه فكلما بعث الله رسولاً يدعو قومه إلى الحقّ فيكذِّبونه ومن ثم يهلكهم الله ببأسٍ شديد من لدنه بالحقّ من غير ظُلمٍ ومن ثم يلقي بهم الملائكةُ في نار جهنم، فهل ترى الله سعيداً بذلك؟ كلا وربّي إنَّهُ حزينٌ ومُتحسرٌ على عباده الذين يصطرخون في نار جهنم ويقول في نفسه قولاً لا تسمعه ملائكته المقربون عنده ولا أحدٌ في السماوات والأرض من بعد أن يهلكهم فيسكت غضبه ويذهب غيظه، ومن ثم يقول: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿30﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿31﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿32﴾} صدق الله العظيم [يس].
إذاً يا أحباب الله ربّ العالمين، إن كنتم تُحبّون الله فهل يرضيكم أن تستمتعوا بالنعيم والحور العين وأنتم تعلمون أنّ الله غير راضٍ في نفسه بسبب ظلم عباده لأنفسهم؟ وعَلِمَ الله بأَنَّ عبده الإمام المهديّ حَرَّمَ جنة النّعيم على نفسه حتى يكون الله راضياً في نفسه، ولكن الله لا يكون راضياً في نفسه حتى يجعل الناس أمةً واحدةً على الهُدى، ومن أجل تحقيق هذا الهدف سوف يبعث الله كافة الذين كَذَّبُوا بالحقّ من ربّهم فأهلكهم من قومِ نوح فما بعدهم فإنّهم إليكم عائدون لكي يجعل الله الناس أمّةً واحدةً على الهُدى تكريماً لعبده الإمام المهديّ، رحمة الله التي كتب على نفسه إلا من أبى رحمة الله بعدما تبيّن له أنّه الحقّ من ربّ العالمين. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ لَا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا ۚ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحقّ مِن ربّهم ۖ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّـهُ بِهَـٰذَا مَثَلًا ۘ يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا ۚ وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ ﴿26﴾ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّـهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّـهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴿27﴾ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّـهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿28﴾} صدق الله العظيم [البقرة]. فلا تكن منهم يا نسيم واتبّعني أهدِك صراطاً مُستقيماً.
ويا معشر الباحثين عن الحقّ، فهل تؤمنون أنّ المهديّ المنتظَر سوف يهدي الله من أجله الناس أجمعين إلا الشياطين الذين علموا أنّه الحقّ من ربّهم فزادهم رجساً إلى رجسهم وأصَرُّوا على استكبارهم حسداً من عند أنفسهم بعدما تبيّن لهم أنّه الحقّ من ربّهم وينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض؟ وكما تعلمون أولئك هم شياطين البشر الذين إن يروا سبيل الحقّ لا يتَّخذونه سبيلاً وإن يروا سبيل الغي والباطل يتَّخذونه سبيلاً ويحرِّفون كلام الله من بعد ما عقلوه، ولو أنهم استغفروا الله لذنوبهم واعترفوا بالحقّ لوجدوا لهم رباً غفوراً رحيماً مهما كانت ذنوبهم، وأقسمُ بالله العلي العظيم لو يتوب إبليس إلى الله متاباً لوسعته رحمة الله الذي وسع كُل شيءٍ رحمةً وعلماً، إلا من أبى رحمة الله.
يا عباد الله من الجنّ والإنس، لقد أَنزل الله إليكم البُشرى برحمته لكم أجمعين إلا أن ترفضوا عرض الله، ولم يقل يا معشر الجنّ أو يا معشر الإنس بل جعله نداءً إلى عباده أجمعين. وقال الله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿53﴾ وَأَنِيبُوا إِلَىٰ ربّكم وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ﴿54﴾} صدق الله العظيم [الزمر].
ومن أصدق من الله حديثاً يا عباد الله؟ أفلا ترون ما أعظم رحمة ربّكم وأنّه حقاً أرحم الراحمين، وأقسمُ بالله العلي العظيم إنّ هذا النداء الشامل يشمل حتى إبليس الشيطان الرجيم فهو ضمن عباد الله فقد وعدكم الله بالتوبة وأن يغفر ذنوبكم جميعاً دون أن يستثني ذنباً واحداً؛ بل الذنوب جميعاً شرط أن تنيبوا إلى ربّكم وتسلموا له. وعليه فإني أدعو كافة عباد الله من الجنّ والإنس وشياطين الجنّ والإنس إلى الإسلام والتوبة والإنابة إلى ربّهم فيغفر لهم جميع ذنوبهم ويبدِّلهم بحسنات العفو، فأيّ نعمة هذه ومن الذي سوف يقول لكم ذلك غير من هو أرحم بعباده من آبائهم وأمهاتهم الله أرحم الراحمين، أفلا يستحق أن تتعافوا يا عباد الله من أجله؟
وأشهد الله وكفى بالله شهيداً بأنّي الإمام المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّ العالمين قد عفوت عن جميع من قد ظلمني في هذه الحياة قربةً لربي طمعاً في تحقيق رضوان نفسه، ومن كان يحب الله فلكل دعوى برهان فليعفُ معي عن عباد الله فيما اقترفوه من ذنبٍ في حقه الشخصي وتجدون الله أكرم منكم وهو خير الغافرين فيقول لكم يا عبادي لستم أكرم من ربّكم؛ بل أنا خير الغافرين قد غفرت للذين عفوتم عنهم من أجل ربّكم فعفا الله عنهم من أجلكم وهداهم.
وأشهد الله أني قد عفوت عن أخي الكريم نسيم عسى الله أن يهديه إلى ما يحبه له ويرضاه، وعفوت عن جميع الذين شتموني أو أساءوا إلينا في عصر الحوار من قبل الظهور ورفعتُ عنهم الحجب عن عضويتهم أجمعين سواءً كانوا من الباحثين عن الحقّ أو الشياطين، وإنّما عفوت عنهم في حقي الشخصي ولا أستغفر لهم في حق الله وإنّما لعلّ الله يهدي من يشاء منهم من أجل عبده ووعده الحقّ وهو أرحم الراحمين، وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
أخو عباد الله المُنيبين إليه؛ رحمة الله التي كتب على نفسه إلا من أبى الدخول في رحمة الله بعدما تبيّن له أنّه الحق؛ الإمام ناصر محمد اليماني.
ـــــــــــــــــــــــــ