الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ
11 - ربيعٍ الآخر - 1431 هــ
27 - 03 - 2010 مـ
12:02 صباحًا
(بحسب التّقويم الرّسميّ لأم القُرى)
ــــــــــــ
عُلومُ الفَلَكِ فِي مُحكَم القُرآنِ قَد فَصَّلهَا اللهُ تَفصِيلًا ..
بِسم الله الرَّحمن الرَّحيم، والصَّلاة والسَّلام على خاتم الأنبياء والمُرسَلين جدّي مُحمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - والتَّابعين للحقّ إلى يوم الدِّين، وسلامٌ على المُرسَلين، والحَمدُ لله رَبّ العالَمين..
سلامُ الله عليكم فضيلة الشيخ أبا فراس الزهراني مِن حَفَظَةِ القُرآن العظيم، حَفِظَك الله وهَداك إلى الصراط المستقيم، وسؤالك للإمام ناصر محمد اليمانيّ: هل يُحيط بعلوم الفَلَك؟ ثمّ يردّ عليك الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ وأقول: اللهم نعم قد زادني الله بسطةً في العلم الفلكيّ، ولكني لا آتيكم به من كتب البشر بل آتيكم به من مُحكم الذِّكر وأُفَصِّله تفصيلًا من مُحكَم القرآن العظيم، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [سورة الإسراء]، ولن تجد الإمام المهديّ يستطيع أن يُضِلّه عُلماء الفَلَك في البَشَر إن أخطأوا في شَيءٍ؛ فلن تجدني أتَّبِع أهواءهم بل أُصَدِّق بالحقّ منه بآياتٍ مُحكَماتٍ وأُبطِل الباطل منه بآياتٍ مُحكَماتٍ.
ويا أبا فراس من خِيار النَّاس وبناءً على الحقّ في قول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا ﴿١٢﴾} صدق الله العظيم [سورة الإسراء]، يا أبا فراس مِن أُولي الألباب إني أجد اليوم للحساب في الكتاب يبدأ من لحظة تواري الشمس وراء الحجاب ومن ثمّ يحلّ الظلام، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ ﴿٣٧﴾ وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ﴿٣٨﴾ وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ ﴿٣٩﴾ لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴿٤٠﴾} صدق الله العظيم [سورة يس].
وفي هذه الآيات المُحكَمات يُبَيِّن الله لكم بدء الحساب بحركة الأرض والشمس والقمر، وعَلَّمكم الله بالتوقيت بالضبط لبدء اليوم في الحساب أنه يبدأ بغروب الشمس لدخول ليلة اليوم الجديد، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [سورة يس].
إذًا الليلة تبدأ بالضَّبط بغروب الشمس وتواريها في الحِجاب، إذًا اليوم يبدأ من بدء ليلته بالنسبة للوقت وليس بالنسبة للحركة الذاتيَّة وذلك لأن النهار يَتَقدَّم الليل في الحركة الذاتية نُفَصِّله فيما بعد إن شاء الله، وحتى لا يختلط عليك الأمر فنحن الآن نتكلَّم عن الحساب الموقوت ومن أيِّ لحظةٍ يتم حساب اليوم وآتيناك بقول الله تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [سورة يس].
إذًا اليوم الجديد لحساب الوقت في الكتاب يبدأ من صلاة المغرب بالضَّبط، ولذلك قال الله تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} صدق الله العظيم [سورة الأعراف:142].
ومن ثمّ تبيَّن لكم الحقّ في مُحكَم الكتاب أن الحساب للأيام يبدأ بالليالي أيْ: (من غروب الشمس إلى غروب الشمس في الحساب هو يومٌ واحدٌ) لأن اليوم هو 24 ساعةً ويبدأ الحساب في الكتاب بغروب الشمس وراء الحجاب، تصديقاً لقول الله تعالى: {وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ ﴿٣٧﴾} صدق الله العظيم [سورة يس].
وبما أن الصَّلوات هي كتابٌ مَوقوتٌ فتستطيعون الآن وبِكُلِّ يُسرٍ وسهولةٍ أن تعلموا أيَّ الصَّلوات هي الصَّلاة الوسطى التي توصَّاكُم الله بالحفاظ عليها لِعِلمه تعالى أنه سوف يضيِّعها كثيرٌ من المُسلمين، فبما أنه تبيّن لكم بالضبط من أيِّ لحظةٍ يبدأ حساب الأيام وأنه من لحظة دخول ليلة اليوم الجديد بتواري الشمس وراء الحجاب فأصبح جليًّا في البيان الحقّ أن أوّل صلوات اليوم الجديد هي حقًّا صلاة المغرب ومن ثمّ العشاء والفجر والظهر والعصر ثمّ تنتهي صلاة العصر بتواري الشمس وراء الحجاب فيدخل ميقات البدء لصلوات اليوم الجديد فتبدأ من صلاة المغرب وهكذا.
فتعال لننظر إلى الصَّلاة الوسطى بالضبط لا شكَّ ولا ريبَ وهي كما يلي:
1- المغرب
2- العشاء
3- الفــجر
4- الظهر
5- العصر
فتبيَّن لأبي فراس من خيار النَّاس أن الصَّلاة الوسطى هي حقًّا صلاة الفجر لا شكَّ ولا ريبَ وهي التي أمركم الله أن تقوموا فيها لدعاء القُنوت، تصديقًا لقول الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّـهِ قَانِتِينَ ﴿٢٣٨﴾} صدق الله العظيم [سورة البقرة]. وهي صلاةٌ مشهودةٌ يجتمع في ميقاتها المُعَقِّبات فيتمُّ تسليم الخدمة من ملائكة الليل إلى ملائكة النهار، ويتم تسليم الخدمة بالضبط في ميقات الصَّلاة الوسطى وهي صلاة الفجر ولذلك هي مشهودةٌ، تصديقًا لقول الله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَىٰ غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ۖ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا ﴿٧٨﴾} صدق الله العظيم [سورة الإسراء].
ولكن الذين حَسبوا أن الصَّلاة الوسطى هي صلاة العَصر من الذين يقولون على الله ما لا يعلمون عَفا الله عنهم وهداهم، فذلك قولٌ بالظنّ وأنتم تعلمون أن الظنّ لا يغني من الحقّ شيئًا، وسبب ظنّهم أن صلاة العصر هي الصَّلاة الوسطى وذلك لأنهم حسبوا الصَّلاة الأولى هي صلاة الفجر كما يلي:
1- الفجر
2- الظهر
3- العصر
4- المغرب
5- العشاء
ولكنهم لخبطوا التَّوقيت وذلك لأنهم حسبوا ثلاث صلواتٍ من صلوات اليوم المُنقَضي وهي صلاة الفجر والظهر والعصر وأمَّا صلاة المغرب والعشاء فحسبوها من صلوات اليوم الجديد وهذا حسب حسابهم أن الصلاة الوسطى هي العَصر، وهذا علمٌ ظنِّيٌّ اجتهادًا منهم وهم يعلمون أن علمهم يحتمل الصح ويحتمل الخطأ ولكنكم تعلمون يا أبا فراس فتوى الله إليكم أن الظنّ لا يغني من الحقّ شيئًا، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} صدق الله العظيم [سورة يونس:36].
ولكني الإمام المهديّ أفتي بالحقّ أنه مُحَرَّمٌ في الدين الفتوى الاجتهاديّة التي تحتمل الصح وتحتمل الخطأ، ومن ثمّ أُعرِّف لكم ما هو الاجتهاد: وهو البحث عن العِلْم الحقّ حتى يهديه الله إليه بعلمٍ وسلطانٍ مُنيرٍ من ربّ العالمين لا شكَّ ولا ريب. وفي هذا سرّ هيمنة الإمام المهديّ بسلطان العلم الحقّ على كافة علماء الأُمّة.
ويا أبا فراس إنَّك لن تستطيع أن تُقنع النَّاس بفتوى إذا كانت تحتمل الصح وتحتمل الخطأ لأنها تُعتَبر فتوى ظنّيةٌ وليست يقينيَّة بسبب أنك لا تملك سلطان العِلْم المُحكَم والبَيِّن حتى تُلجم به بالحقّ مَن يُجادلك.
إذًا الاجتهاد هو أن تبحثوا عن الحقّ، فإذا عَلِم الله أنكم حريصون أن لا تقولوا على الله إلّا الحقّ ومن ثمّ يفتيكم الله كما وعدكم بالحقّ في مُحكم كتابه: {وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّـهُ ۗ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم [سورة البقرة:282]، وذلك لأن الله نظر إلى أنك مُجتهدٌ تبحث عن الحقّ ولا تريد غير الحقّ وتكره أن تقول على الله غير الحقّ، فهنا يصْدقكم الله بما وعدكم في محكم كتابه فيهدي المُجتهد الباحث عن الحقّ إلى سبيل الحقّ: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} صدق الله العظيم [سورة العنكبوت:69]، أيْ: الذين يبحثون عن الحقّ ولا يريدون إلّا الحقّ كان حقًّا على الحقّ أن يهديهم إلى سبيل الحقّ لا شكَّ ولا ريبَ بعلمٍ من لَدُن حكيمٍ عليمٍ.
ولكن يا أبا فراس إن خطأ علماء الأمَّة وسبب ضلالهم هو عدم فهمهم لناموس الاجتهاد، وذلك لأن ناموس الاجتهاد في الكتاب هو: أن تبحث عن الحقّ حتى إذا هداك الله إلى الحقّ بعلمٍ وهُدًى من الكتاب المُنير ومن ثمّ تدعو الناس إلى الحقّ على بصيرةٍ من ربّك، تصديقًا لقول الله تعالى: {قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّـهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٠٨﴾} صدق الله العظيم [سورة يوسف].
ولكن للأسف يا حبيبي في الله أبو فراس الزهراني إن علماء الأمَّة يدعون النَّاس وهم لا يزالون مُجتهدين ولم يتوصّلوا إلى علمٍ مُقنعٍ لِمَن يحاورهم لأن علومهم ظنِّيةً تحتمل الصح وتحتمل الخطأ، وليست هذه هي البصيرة من الله؛ بل علوم الدين ينبغي أن تكون يقينيَّةً وليست ظنّيةً وذلك لأنّها البُرهان المُبيْن لدعوتكم إلى الله فلا بدَّ أن تكون الدعوة على بصيرةٍ من الله لا شكَّ ولا ريبَ وليس أنكم تُفتون الأُمَّة ومن ثمّ تقولون: "والله أعلم فإن أخطأت فَمِن نفسي"! هيهات هيهات بل ذلك من أمر الشيطان أن تقولوا على الله ما لا تعلمون أنه الحقّ من ربّ العالمين، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿١٦٨﴾ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٦٩﴾} صدق الله العظيم [سورة البقرة]، وذلك لأنكم إذا قُلتم على الله بالظنّ الذي لا يغني من الحقّ شيئًا؛ فتقولون هذا حلالٌ وهذا حرامٌ بغير علمٍ بَيِّنٍ من ربّ العالمين؛ بل بقول الظنّ الذي لا يُغني من الحقّ شيئًا، وذلك لأنكم إذا حرَّمتم شيئًا لم يحرِّمه الله أو أحللتم شيئًا قد حرَّمه الله فقد كذبتم على الله بما لم يقله، وقال الله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَـٰذَا حَلَالٌ وَهَـٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّـهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴿١١٦﴾} صدق الله العظيم [سورة النحل].
إذًا أصبحت الفتوى بقول الظنّ الذي يحتمل الصَّح ويحتمل الخطأ بغير سلطانٍ بَيِّنٍ من الله مُحرَّمةً في كتاب الله وليس من أمر الله أن تقولوا عليه ما لا تعلمون عِلْم اليقين؛ بل من أمر الشيطان الذي يأمركم أن تقولوا على الله ما لا تعلمون غير مُبالين سواءً تكون الفتوى حقًّا أم خطأً فذلك من أمر الشيطان، تصديقًا لقول الله تعالى: {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿١٦٨﴾ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٦٩﴾} صدق الله العظيم [سورة البقرة].
وأمر الشيطان تجده دائمًا يختلف فيتناقض مع أمر الله؛ بل العكس تمامًا فما أحلَّه الشيطان تجده محرَّمًا عند الله، تصديقًا لقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّـهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [سورة الأعراف].
ألا والله يا أبا فراس لو كان الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ اتَّبع أمر الشيطان وقال على الله ما لم يعلم لَما استطاع أن يُلجِم عالِمًا واحدًا من علماء الأمَّة ولكن سِرّ هيمنة الإمام ناصر محمد اليمانيّ هو لأنه اتَّبع أمر الرَّحمن ولا يقول على الله ما لم يعلم، ولذلك لن تجد الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ يُحاجُّ النَّاس بالعلوم الظنّية التي تحتمل الصَّح وتحتمل الخطأ ثمّ يقول والله أعلم فإن أخطأت فَمِن نفسي، إذًا لما استطعت أن أقيم الحجّة الحقّ على علماء الأمَّة ولَما استطعت أن أقنعهم بالحكم الحقّ بينهم فيما كانوا فيه يختلفون ما دام حُكمًا ظنِّيًا يحتمل الصَّح ويحتمل الخطأ، وأعوذُ بالله أن أكون من الجاهلين.
ولربّما يودُّ أن يقاطعني فضيلة الشيخ أبو فراس الزهراني فيقول: "يا أخي إن العُلماء ليسوا بأنبياء يوحى إليهم وإنما يجتهدون بالفتوى، ولذلك لا تجدهم موقنين بفتواهم ولذلك لا تجدهم يقسمون أنهم لا ينطقون إلّا بالحقّ؛ بل تجدهم يعترفون أن فتواهم تحتمل الصَّح وتحتمل الخطأ، فما هو السبيل الحقّ الذي إن اتّبعوه فلن يقولوا على الله ما لا يعلمون؟" ومن ثمّ يفتيه الإمام المهديّ بالسبيل الحقّ حتى لا يضِلّوا أنفسهم ويُضِلّوا أمّتهم فلا ينبغي لهم أن يتّبعوا الاتّباع الأعمى لِما وجدوا عليه أسلافهم فلعلَّهم ضلّوا (أسلافهم) في مسألةٍ وذريتهم لا يعلمون أنهم قد ضلّوا عن سواء السبيل فلن ينفعهم هذا القول بين يدي ربّهم، تصديقًا لقول الله تعالى: {أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴿١٧٣﴾} صدق الله العظيم [سورة الأعراف].
وقال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـٰذَا غَافِلِينَ ﴿١٧٢﴾ أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ﴿١٧٣﴾ وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴿١٧٤﴾} صدق الله العظيم [سورة الأعراف]. ولذلك أمر الله طالِب العِلم باستخدام العقل والتدبّر والتفكّر في سلطان الدَّاعية من قبل أن يتّبعه، وقال الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَـٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴿٣٦﴾} صدق الله العظيم [سورة الإسراء]، وذلك لأن العقل والمنطق دائمًا تجده يتَّفق مع الحقّ، فإذا تفكَّروا في سلطان عِلم الدّاعية فإذا كان من عند الله فحتمًا يجدون العقل يرضخ له ويُسَلِّم تسليمًا، ولذلك قال الله تعالى للمُعرِضين عن القرآن العظيم الذي جاء به محمدٌ رسول الله (ذِكْر العالمَين لمَن يشاء منهم أن يستقيم)، وقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّـهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ۚ مَا بِصَاحِبِكُم مِّن جِنَّةٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَّكُم بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴿٤٦﴾} صدق الله العظيم [سورة سبأ].
ولذلك اكتشفَت الأُمَم بعد فوات الأوان أن سبب ضلالهم عن الهُدَى من ربّهم هو الاتّباع الأعمى للذين من قبلهم وعدم استخدام عقولهم بالتفكّر في حُجَّة مَن يدعوهم إلى سبيل الحقّ من ربّهم، ولذلك تجد فتواهم عن سبب ضلالهم عن الحقّ من ربّهم هو عدم استخدام العقل، وقال الله تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴿١٠﴾} صدق الله العظيم [سورة الملك].
ولذلك فإن أبا فراس حين يستخدم عقله في بيان الإمام ناصر محمد اليمانيّ للقرآن يجد أن عقله يتَّفق مع بيان الإمام ناصر محمد اليمانيّ للقرآن، فيجده أحسن تأويلًا وأهدَى سبيلًا وأنه حقًّا يدعو إلى الحقّ ويهدي إلى صراطٍ مستقيمٍ بسلطان العِلم من مُحكَم كتاب الله القرآن العظيم الذي لا يحتمل الطعن والتشكيك إلّا مَن يكفر بمُحكَم القرآن العظيم فيعذِّبه الله عذابًا أليمًا.
ويا أخي الكريم أبو فراس، كُن من خيار النَّاس ولا تُكذِّب عقلك وتُكذِّب الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ، وذلك لأن عقلك لن يختلف مع بيان الإمام المهديّ في شيءٍ وذلك لأن الأبصار لا تعمَى عن الحقّ إذا استُخدِمَت وإنما تعمَى القلوب التي في الصدور، تصديقًا لقول الله تعالى: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَـٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} صدق الله العظيم [سورة الحج:46]، ولذلك يا أبا فراس لن تَجِد الذين اتّبعوا الهُدى من النَّاس في كافة الأمم إلّا الذين يعقلون، تصديقًا لقول الله: {فَبَشِّرْ عِبَادِ ﴿١٧﴾ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّـهُ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٨﴾} صدق الله العظيم [سورة الزمر]، ولذلك يُعلِن الإمام المهديّ المنتظَر إلى كافة البَشَر أنهم لا ولن يُصدِّق المهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور إلّا أولو الألباب، تصديقًا لقول الله: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴿١٩﴾} صدق الله العظيم [سورة الرعد].
وقد جعل الإمام المهديّ عَقْل أبي فراس هو الحَكَم بين الإمام المهديّ وأبي فراس، فإن وجدتَ يا أبا فراس أن سلطان عِلْم ناصر محمد اليمانيّ لا يقبله العلم والمنطق فاعلم أن ناصر محمد اليمانيّ على ضلالٍ مبينٍ، وإن وجدت سلطان عِلم الإمام ناصر محمد اليمانيّ يقبله العقل والمنطق فاعلَم عِلْم اليقين أنه الحقّ من ربّك وقد جعل الله الحُجَّة على الإنسان هو عقله فإن ذهب عقله رفع الله عنه القَلَم.
فكيف السبيل لإنقاذك والمسلمين والنَّاس أجمعين من عذاب يومٍ عقيمٍ يا أبا فراس؟ أفلا تُساعد الإمام المهديّ على إنقاذك وإنقاذ الأُمَّة من فتنة المسيح الكذّاب؟ ولربّما يودّ أن يقاطعني أبو فراس ويقول: "يا رجل بالنسبة لفتنة المسيح الكذّاب فهي معروفةٌ كما أفتانا محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أن فتنة المسيح الكذاب أن يقول: "يا سماء أمطري فتمطر ويا أرض أنبتي فتنبت، ويقطع رجلًا إلى نصفين فيمرّ بين الفلقتين ثمّ يُرجع إليه روحه فينهض حيًا"، ومن ثمّ يردّ على أبي فراس من جعله الله إمامًا للناس، وأقول: سبحان الله العظيم وتعالى علوًّا كبيرًا، فكيف تُصدِّقون الافتراء الذي ينفي تحدِّي الله في مُحكَم القرآن العظيم إلى الباطل وأوليائِه أن يُرجعوا روح ميتٍ؟! وقال الله لئن فعلوا ذلك مع أنهم يَدَّعون الباطل من دون الله فقد صدَقوا في دعوتهم للباطل من دون الله، وقال الله تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ﴿٨٣﴾ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ ﴿٨٤﴾ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لَّا تُبْصِرُونَ ﴿٨٥﴾ فَلَوْلَا إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ﴿٨٦﴾ تَرْجِعُونَهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٨٧﴾} صدق الله العظيم [سورة الواقعة].
إذًا المُفتَرون قد جعلوا المسلمين يكفرون بتحدِّي الله للباطل أن يحيي ميِّتًا في مُحكم القرآن العظيم، وبلغوا مرادهم فهم يعلمون أنه لن يحدث من ذلك شيءٌ، وإنما يريدون أن يردُّوكم من بعد إيمانكم كافرين بما أنزل الله في مُحكَم هذا القرآن العظيم في آياته المُحكَمات البيّنات هُنّ أُمّ الكتاب وذلك لأن الباطل لا يستطيع أن يفعل ذلك وهو يَدَّعي الربوبيّة من دون الله، تصديقًا لقول الله تعالى: {قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ ﴿٤٩﴾} صدق الله العظيم [سورة سبأ].
ويا أبا فراس مِن خِيار النَّاس، والله الذي لا إله غيره لا يستطيع الإمام المهديّ أن يَحكُم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون حتى تؤمنوا بالناموس في مُحكَم كتاب الله لكشف الأحاديث والروايات المكذوبة على الله ورسوله، ولربّما يودّ أن يقاطعني أبو فراس ويقول: "وما هو سبيل النَّجاة من اتّباع فتنة الأحاديث المكذوبة عن النبيّ زورًا وبهتانًا؟" ومن ثمّ يردّ عليه الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ وأقول: هو أن تتّبعوا كتاب الله وسُنّة رسوله الحقّ، وما خالف منها لمُحكَم الكتاب فاعتصموا بحبل الله القرآن العظيم واكفروا بما خالف لمُحكَم كتاب الله القرآن العظيم، فإن فعلتم فقد اهتديتم وإن أبيتم فقد ضللتم وما علينا إلَّا البلاغ المُبيْن بالبيان الحقّ للقرآن العظيم للعالَمين لِمَن شاء منهم أن يستقيم وذلك لأن بصيرة الإمام المهديّ هي ذاتها بصيرة جدّه محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - من رَبّ العالَمين لا شَكَّ ولا ريبَ، ولذلك قال الله تعالى: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ۖ فَمَنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ ﴿٩٢﴾} صدق الله العظيم [سورة النمل]، وذلك لأن مُحكَم القرآن العظيم هو البُرهان المُبين للدعوة إلى الله إلى النَّاس أجمعين، تصديقًا لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ﴿١٧٤﴾ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿١٧٥﴾} صدق الله العظيم [سورة النساء].
إذًا حَبْل الله الذي أمرنا الله بالاعتصام به والكُفْر بِما خالَف لِمُحكمه هو القُرآن العظيم، فتذكَّروا قول الله تعالى: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا ﴿١٧٥﴾} صدق الله العظيم [سورة النساء]، ولا يقصد الله بالاعتصام بالقرآن أن تعتصموا به وحده وتذروا السُنّة النّبويّة الحقّ التي لا تزيد القرآن إلَّا بيانًا وتوضيحًا، فإن فعلتم فقد أعرضتم عن قول الله تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} صدق الله العظيم [سورة النحل:44]، ويقصد البيان للقرآن في السُنّة النّبويّة الحقّ التي لا تزيد القرآن العظيم إلَّا بيانًا وتوضيحًا للأُمَّة، ولكن الافتراء عن النبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم - يأتي مُخالفًا للآيات البيّنات المُحكمات هُنّ أمّ الكتاب ومن بعد تطبيق الناموس لكشف الأحاديث المكذوبة ومن ثمّ تعلمون علم اليقين أن هذا الحديث في السُّنّة النّبويّة ليس من عند الله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ بل جاء ذلك الحديث النّبويّ المُخالِف لمُحكَم القرآن من عند غير الله، تصديقًا لقول الله تعالى: {مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا ﴿٨٠﴾ وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ ۖ وَاللَّـهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ ۖ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّـهِ وَكِيلًا ﴿٨١﴾ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴿٨٢﴾ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّـهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴿٨٣﴾} صدق الله العظيم [سورة النساء].
ويا أخي الكريم أبا فراس، إذا تدبَّرتم هذه الآيات البَيِّنات سوف تعلمون بما يلي:
1- إن القرآن وسُنّة البيان جميعهن من عند الله.
2- إن القرآن محفوظٌ من التحريف وسُنّة البيان ليست محفوظةً من التحريف.
3- فبما أن القرآن محفوظٌ من التحريف فحتمًا يكون هو المَرجِع لِما اختلفتم فيه في الأحاديث في السُنّة النّبويّة.
4- ومن ثمّ علّمكم الله بالناموس لكشف الأحاديث المكذوبة أنكم سوف تجدونها تُخالف لمحكم آيات الكتاب البيّنات المحكمات هُنّ أمّ الكتاب البيّنات لعالِمكم وجاهلكم، فاعتصموا بحبل الله القرآن العظيم واكفروا بما خالف لِمُحكَمه من آيات أمّ الكتاب هُنّ أمّ الكتاب؛ سواء تكون في التوراة أو في الإنجيل أو في السُنّة النبويّة، وذلك لأنّ الله قد جعل القرآن العظيم هو المَرجِع والحَكَم والمُهيمن على التوراة والإنجيل والسُنّة النّبويّة، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴿٤٩﴾ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴿٥٠﴾} صدق الله العظيم [سورة المائدة].
فتدبَّروا يا أولي الأبصار هل القرآن هو المُهيمن على التوراة والإنجيل والسُنّة النّبويّة نظرًا لأنه محفوظٌ من التحريف؟ وأمّا التوراة والإنجيل والسُنّة النّبويّة فجميعهم لم يَعِد الله بحفظهم من تحريف الشياطين، وقال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ ۚ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّـهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ۚ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴿٤٤﴾ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنفَ بِالْأَنفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴿٤٥﴾ وَقَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ ﴿٤٦﴾ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فِيهِ ۚ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿٤٧﴾ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ ۖ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ ۖ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ ۚ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّـهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـٰكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ۖ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ۚ إِلَى اللَّـهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴿٤٨﴾ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ إِلَيْكَ ۖ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ ۗ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ﴿٤٩﴾ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّـهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴿٥٠﴾} صدق الله العظيم [سورة المائدة].
وأمّا سؤال أبي فراس: "لماذا يا ناصر محمد اليمانيّ تُفتي بضلال عُلماء الأُمَّة مع أنهم لم يُفتوا في شأنك أنك على ضلالٍ مُبينٍ؟" ومن ثمّ يترك الإمام المهديّ الردّ على أبي فراس من الله إلى المُخالفين لأمر الله وفرَّقوا دينهم شيعًا ولم يعتصموا بحبل الله فيتّبعوا مُحكَم القرآن العظيم ويكفروا بما خالف لمحكمه، فسوف نترك الردّ على أبي فراس من الله مباشرةً في قول الله تعالى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ ۚ وَأُولَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿١٠٥﴾} صدق الله العظيم [سورة آل عمران].
فاتقوا الله يا أبا فراس ويا كافة النَّاس وما ينبغي أن يكون الإمام المهديّ شيعيًّا ولا سُنيًّا بل حنيفًا مُسلِمًا وما أنا مِن المُشركين؛ أدعو إلى الله على بصيرةٍ ولا أقول وأنا من الشّيعة فأدعو إلى مذاهبهم ولا أقول وأنا من السُّنّة والجماعة وأدعو إلى مذاهبهم؛ بل أدعو إلى الله على بصيرةٍ من ربّي وأقول وأنا من المُسلمين، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [سورة فصلّت]، فكيف تريدون أن تقنعوا النَّاس بدينكم وأنتم فيه مختلفون يا معشر الشّيعة والسُنّة؟ فكيف تريدون أن تقنعوا العالَمين بالدّخول في دينكم وهم يعلمون أنكم يلعن بعضكم بعضًا ويُكَفِّر بعضكم بعضًا! أفلا تتّقون؟ فذروا التفرّق والاختلاف واعتصموا بحبل الله القرآن العظيم ولا تختصموا بِما خالف لِمُحكَمه فيعذِّبكم الله، أفلا تتقون؟
ويا حبيبي في الله أبا فراس مِن خيار النَّاس، كُن مِن الشاكرين أن بعث الله الإمام المهديّ في جيل أبي فراس، وكُن من الشاكرين أن أعثرك الله على دعوة المهديّ المنتظَر في عصر الحوار من قبل الظهور عبر هذه الشبكة العالميّة (النعمة الكُبرى لحوار العالَمين).
ويا أبا فراس إنه لا يجتمع النور والظلمات، وما الإمام المهديّ إلّا أحد علماء المسلمين غير أن مُعَلِّمه الله الذي زاده بسطةً في العِلم على كافة عُلماء الأمَّة ليجعله الله حَكمًا بين المُختَلِفين ويدعو إلى وحدة المسلمين فيُذهب فشلَهم بوحدتهم وجَمْع كلمتهم وعدم تفرُّقهم في دينهم فيُوحِّد صفَّهم فتقْوى شوكتُهم ويطهِّر قلوبهم من الشرك بالله ثمّ يُصْدِقهم ما وعدهم بالخلافة الإسلاميّة العالميّة، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَعَدَ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴿٥٥﴾} صدق الله العظيم [سورة النور]، ولذلك نَسعَى إلى تطهير قلوب المؤمنين من الشِّرك لكي يتحقّق شرط الخلافة بالحقّ: {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} صدق الله العظيم [سورة النور:55].
ويا أبا فراس، إني أرى أنك تريد المهديّ المنتظَر أن يرُدّ عليك بالقول المُختَصر، ومن ثمّ يقول لك المهديّ المنتظَر: أفلا تعتقد أن بعث خليفة الله الإمام المهديّ هو نبأٌ عظيمٌ من أنباء الكتاب؟ فوجب علينا أن نُفَصِّل الحقّ تفصيلًا حتى لا تكون لهم الحُجّة فنُقيم عليهم الحجّة بالحقّ حتى لا يجدوا في أنفسهم حرجًا من الاعتراف بالحقّ فيُسَلِّموا تسليمًا فيقولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربّنا وإليك المصير.
وإنّي بهم رؤوفٌ رحيمٌ مهما رأيتَ الإمام المهديّ قاسيًا عليهم في بعض بياناته، وذلك لأن إعراضهم عن دعوة الإمام المهديّ والاعتراف بشأن خليفة الله على العالَمين سوف يتسبّب في عذاب أنفسهم وعذاب أُمّة المسلمين وعذاب كافة قُرى البشر فيُظهر الله خليفته المهديّ المنتظَر على كافة البشر في ليلةٍ وهم صاغرون.
وسلامٌ على المُرسَلين، والحَمْدُ لله رَبّ العالَمين..
الذليل على المؤمنين خليفة الله الإمام المهديّ ناصر محمد اليمانيّ.
____________________