- 32 -
الإمام ناصر محمد اليماني
18 - 05 - 1430 هـ
12 - 05 - 2009 مـ
09:00 مساءً
ـــــــــــــــــــــ
{ إِلَّا مَن شَهِدَ بالحقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ }
صـــدق الله العظيــم ..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
قال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ} صدق الله العظيم [السجدة:4].
وقال الله تعالى: {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٨٥﴾ وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿٨٦﴾} صدق الله العظيم [الزخرف].
وقال الله تعالى: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بالحقّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} صدق الله العظيم [الأعراف:53].
فانظر لقول الله تعالى: {فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} صدق الله العظيم [الأعراف:53]، فانظر لقول الله تعالى: {قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} صدق الله العظيم، بمعنى أنّهم لن يجدوا لهم من دون الله وليّاً ولا شفيعاً يتجرأ للشفاعة بين يديه. وللأسف لم يفهم كثيرٌ من العلماء كيفية الشفاعة ولم يفقهوا أمرها بين يدي أرحم الراحمين ولو تدبروا قول الله تعالى: {وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴿٨٥﴾ وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿٨٦﴾} صدق الله العظيم [الزخرف].
فلو تدبروا الاستثناء الذي لم يفقهوه في شأن الشفاعة لوجدوا سرّ الاستثناء في قول الله تعالى: {وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَن شَهِدَ بالحقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم [الزخرف:86].
فمن يقصد؟ إنّهُ يقصد عباده المُقربين أنّهم لا يملكون الشفاعة، ومن ثم يأتي الاستثناء بالحقّ، وهو قول الله تعالى: {إِلَّا مَن شَهِدَ بالحقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم. وما يقصد الله سبحانه بقوله تعالى: {إِلَّا مَن شَهِدَ بالحقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم؟ ويقصد إلا من شهد بالحقّ أنّ الله أرحم بعباده من عبده ذلك الذي استثنى الله له أن يُخاطب ربّه لأنّهُ يعلم أنه سوف يقول صواباً ولن يطلب من الله الشفاعة لأحدٍ ولا ينبغي له؛ بل يُحاجِج الله بالحقّ الذي علمه في نفسه، وجميع المُتقون لا يملكون منه خطاباً إلا من أذِن له الرحمن وقال صواباً، وذلك هو القول الصواب. ولكنّ الذين لا يعلمون يقولون: {فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ}، فانظر لردّ الله عليهم بالحقّ: {قَدْ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} صدق الله العظيم [الأعراف:53].
وإنما ابتعث الله محمداً عبده ورسوله لينذر النّاس أنه ليس لهم من دون ربّهم من وليٍّ ولا شفيعٍ. وقال الله تعالى: {قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أعلم الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ (50) وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أنْ يُحْشَرُواْ إِلَى ربّهم لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (51)}صدق الله العظيم [الأنعام].
وعليه فإنّ هذا الحديث لشفاعة محمد عليه الصلاة والسلام باطلٌ مُفترى، والهدف من ذلك الافتراء لكي يضلَّ المسلمون فيعتقدون في محمدٍ رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- أنّهُ سوف يشفع لهم بين يديّ الله ويقول: "أنا لها أنا لها"! وذلك شرك عظيم ما داموا يرجون الشفاعة بين يديه من أحد عباده سواء كان محمداً رسول الله -صلّى الله عليه وآله وسلّم- أو رسول الله المسيح عيسى بن مريم -صلّى الله عليه وآله وسلّم- أو نبيّ الله عُزير صلّى الله عليه وآله وسلّم. وأفتي بالحقّ أنّ من كان ينتظر أن يشفع له عبدٌ بين يدي ربّ العباد أرحم الراحمين فقد أشرك بالله ولم يشهد بالحقّ أنّ الله أرحم بعباده من كافة عبيده المُقربين من الملائكة والأنبياء والرسل والصدّيقين والشهداء والصالحين، فاستغنوا عن رحمة ربّهم بهم بشفاعة من هم أدنى رحمة بهم من الله.
ويا قوم، إنّي أدعوكم إلى الله وحده فمن ذا الذي يقول أنّي على ضلالٍ مُبينٍ؟ وذروا الشفاعة لله كيفما يشاء وكما يحب ويرضى، والذين يحاجّونكم في الشفاعة بين يدي الله فردّوا عليهم بالقول الذي أمر الله محمداً عبده ورسوله أن يرد عليهم به: وقال الله تعالى: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا له مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} صدق الله العظيم [الزمر:44].
بمعنى أنّ صفة الرحمة في نفسه تعالى تشفع لكم من عذابه. تصديقاً لقول الله تعالى: {إِلَّا مَن شَهِدَ بالحقّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم [الزخرف:86]، أي إلا من شهد بالحقّ أنّ الله هو أرحم الراحمين.
وسلامٌ على المرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
____________