- 4 -
08 - 11 - 1430 هـ
27 - 10 - 2009 مـ
12:46 صباحاً
ــــــــــــــــــــــ
الرد على ( مُشبب ) من مُحكم الكتاب ليتذكّر أولو الألباب ..
بسم الله الرحمن الرحيم، وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
ويا مُشبّب، إنّي أعلمُ أنّك من العُلماء ولست من عامة المُسلمين، ولكن للأسف إنّك من الذين يقولون على الله ما لا يعلمون، والذي زعّلني منك ليس جدالك وذلك لأنّي على أن آتيك بالبُرهان من مُحكم القرآن لقديرٌ وعلى إلجامك بالحقّ لجديرٌ، ولكنّي قد أفتيتُ مُسبقاً أنّ الحوار في بيان الصلاة لا ينبغي أن يكون مع شخصياتٍ مجهولةٍ؛ بل عُلماء من خُطباء المنابر، فأضعف الإيمان أنهم يعرفهم أهلُ قريتهم، أو مُفتي الديار حتماً يكون مشهوراً بين مواطني دولته نظراً لأنّ بيان الصلاة ليس كمثل البيانات الأخرى بل هو الركن الثاني من بعد شهادة التوحيد، وهو الركن الذي لن يُرفع أبداً عن المؤمنين حتى تبلغ الروح الحلقوم، وذلك لأنّ رُكن الصيام يرفع إلى أيامٍ أُخَر في المرض والسفر، وكذلك رُكن الزكاة تُرفع عن الفقراء والمساكين فتكون فرضاً على الأغنياء، وكذلك ركن الحجّ يُرفع عن الذي لا يستطيع إليه سبيلاً، وأما رُكن الصلاة فلا تُرفع لا في حضرٍ ولا في سفرٍ ولا في مرضٍ ولكنّها تختلف فتُخفف فقط، ولكنها لا تُرفع أبداً ما دُمت حياً.
أما بالنسبة لبيان كلمة مثاني في قول الله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} صدق الله العظيم [الزمر:23].
وأفتاكم الله تعالى أنّ الكتاب تتكون آياته من صنفين اثنين مُحكم ومُتشابه. تصديقاً لقول الله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} صدق الله العظيم [آل عمران:7].
إذاً الكتاب يتكون من قسمين: قسمٌ مُحكمٌ وقسمٌ مُتشابهٌ وذلك لأنّه يتشابه مع المُحكم في اللفظ ويختلف في البيان، وآتيك على ذلك مثلاً، فما يلي من القسم المُحكم. قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿29﴾ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّـهِ يَسِيرًا ﴿30﴾} صدق الله العظيم [النساء].
وما يلي من القسم المُتشابه، وقال الله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} صدق الله العظيم [البقرة:54].
والقرآن مثاني (مُحكم ومُتشابه)، فإن تركتم المُحكم واتَّبعتم المُتشابه ضللتم ضلالاً بعيداً لأنّ المُتشابه يختلف مع المحكم في ظاهره برغم التشابه اللفظي ويختلف في تأويله عن ظاهره، ولكنّكم إذا اتَّبعتم ظاهر المُتشابه ضللتم عن سواء السبيل وذلك لأنّ تأويله يختلف عن ظاهره، وأحاط الله المهديّ المنتظَر بيان محكمه وبيان مُتشابهه، ولا أزال أحاجِجكم بمحكمه حتى أقيم الحجّة عليكم بالحقّ.
ويا أخي الكريم إنّما المثاني هو المَثنى قُرآنٌ عربيٌّ مُبينٌ. كمثال قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ} صدق الله العظيم [سبأ:46].
فالمثنى اثنين والفُرادى واحد. وقال الله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} صدق الله العظيم [النساء:3]؛ {مَثْنَى} اثنتين، {وَثُلَاثَ} ثلاث، {وَرُبَاعَ} أربع.
ولكن (المكارمة) الذين يتّبعون الظنّ قالوا إنّ المثنى يقصد بها أربعة والثلاث يقصد بها ستة والرباع يقصد بها ثمانية، فيتزوجون ثمانٍ من الحُرات! قاتلهم الله أنَّى يؤفكون الذين يقولون على الله ما لا يعلمون باتّباع الظنّ الذي لا يُغني من الحقّ شيئاً فضلّوا أنفسهم وأضلّوا أمّتهم فيحملون وزر أنفسهم ووزر أمّتهم. تصديقاً لقول الله تعالى: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُونَ} صدق الله العظيم [النحل:25].
فالحذر الحذر من بيان الذِّكر بغير علمٍ من الله، وهل سبب أنّ أمّة الإسلام قد ضلّت عن سواء السبيل إلا بسبب اتّباع الظنّ الذي يحتمل الصح ويحتمل الخطأ؟ ولكنّ معجزة في الكتاب أنّ أيّ عالِمٍ يقول على الله بالظنّ لا ينبغي له أن ينطق بالحقّ حتى لا يقول على الله إلا ما يعلم إنّه الحقّ من عند الله.
وأما سؤالك الذي قلت لي فيه ما يلي:
وتصديقاً لقول الله تعالى: {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} صدق الله العظيم [العنكبوت:45].
ولم نفصّل بعد كيفية الصلاة، وسوف يكون التفصيل في صلاة الحضر يا مُشبب من مُحكم الكتاب، وأفتيكم بالقول الصواب وليس القول بالظنّ بل القول الفصل وما هو بالهزل، وإنا لصادقون. فكيف تفتي يا مُشبب أنّي أقول على الله ما لا أعلم من قبل أن تسأل عن التكبير فآتيك بالبرهان من مُحكم الذِّكر؟
ويا أخي الكريم، ما كان للحقّ أن يتّبع أهواءكم! فإن كنتَ أحد علماء الأمّة فأظهر اسمك الحقّ وصورتك وإنّي على إلجامك بالحقّ لقدير، وسبقت فتوانا لا أريد الحوار في هذا البيان مع شخصياتٍ مجهولةٍ ولك الحقّ أن تحاورنا وأنت مجهول الهويّة ولكن في بيانٍ غير بيان الصلاة.
وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله ربّ العالمين.
مُفتي البشر المهديّ المنتظَر الإمام؛ ناصر محمد اليماني.
__________________