28 - ذو القعدة - 1429 هـ
27 - 11 - 2008 مـ
02:26 صــباحًا
(بحسب التّقويم الرّسميّ لأم القُرى)
ــــــــــــــــــــــــ
والله إني أعلم ما تُريد أن تصِل إليه، وهو إثبات بَشَرٍ آخرين غير ذُريّة آدَم وأنَّ الله خلقهم ليكونوا أزواجًا لذُريَّة آدم، ولكني أعلم أنهنّ حُور المَسيح الكَذَّاب وجميعهُنّ ثَيِّباتٌ ولا توجد فيهنّ بِكرٌ، آباؤهنّ من شياطين البَشَر وأمّهاتُهُنّ مِن إناث الشياطين، وكذلك الذُّكور أمّهاتُهم مِن إناث الشياطين وآباؤهم من شياطين البشر بسبب تغيير خَلق الله مِن أجل التَّمهيد للفِتنة وذلك لأنَّ المَسيح الدَّجال سوف يستَغِلّ البعث الأول فَيَدَّعي الرُّبوبيّة ويقول أنَّه الله وأنّ لديه جنةً ونارًا كما وعَد بها عبادَه مِن قبل، فيأتي بالخبيثات ويقول: "وهؤلاء هُنّ الحُور العِين بَشرٌ مِثلكم خلقتُهنّ لذريّة آدم يوم كان في الجنة وتمّ طمثهُنّ مِن قِبَل ذُريّة آدم وأنجبنَ الولدان المُخَلَّدين بَشرًا مثلكم ليكونوا أزواجًا لإِمائِي منكم". ولكن الله قد أفتانا بمكركم أيُّها الشَّاهد؛ بل هُنّ الخبيثات والخبيثون لأتباع الدَّجال مِن الخبيثين والخبيثات مِن هذه الأُمَّة تصديقًا لقول الله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ} صدق الله العظيم [النور:26]، {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} وهم بشرٌ في جَنَّة الفتنة؛ أمّهاتهم مِن إناث الشياطين وآباؤهم مِن شياطين البَشَر مِنكم مِن الذين عَبدوا الطَّاغوت وهُم يعلمون، ويُجامِعون إناث الشياطين فأنجبن منهم إناثًا وذُكورًا كثيرًا لتجهيز جَنَّة الفِتنة بالحُور العِين والولدان المُخَلَّدين كما يزعمون، وقد أخبركم الله بشأنهم في القرآن العظيم بأنَّ إناث الشياطين مِن الجِنَّ قد استكثروا مِنكم خَلقًا كَثيرًا مِنكم تصديقاً لقول الله تعالى: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ۚ قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّـهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴿١٢٨﴾} صدق الله العظيم [الأنعام].
أولئك مَن يُريد إثباتَهم الشَّاهدُ وقبيلُه المُستشار الذي أعجَبَني قوله بادِئ الرَّأي ثم تَبيَّن لي أنه مِن الذين قال الله عنهم: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّـهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴿٢٠٤﴾ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ ۗ وَاللَّـهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ ﴿٢٠٥﴾ وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّـهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ۚ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ ۚ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴿٢٠٦﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
ويقول المُستشار أنَّي أفتي بِغَير عِلمٍ، وأُعوذُ بالله أن أكون مِن الجاهلين أمثاله وقَبيله الشَّاهِد؛ بل هم الذين يقولون على الله غير الحقّ فيُحَرِّفون الكلام عن مواضِعه بالبيان الباطِل كمثل قولهم: (إن آدم وحواء أنجبوا خلقًا كثيرًا وهم في الجنة) ولكن الله يقول في القرآن غير ذلك؛ بأنَّه قال الله تعالى بأنَّها لا تَزِر وازِرَةٌ وِزر أُخرى، وما ذَنْب أولاد آدم حتى يَتِمّ إخراجهم مِن الجَنَّة وهُم لَم يقربوا الشجرة ولم يأكلوا منها؟! وذلك لأنهم ليسوا موجودين ولا يزالون في ظَهْر أبينا آدَم، واللذان أكَلا مِن الشجرة هما آدم وحواء تصديقًا للشيطان أنَّها شجرة الخُلْد ومُلكٌ لا يَبلَى وقال الله تعالى: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَـٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿٣٥﴾} صدق الله العظيم [البقرة]، فتدبَّروا قول الله تعالى: {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} صدق الله العظيم، والخطاب مُوَجَّهٌ لاثنين بلا ذُريّةٍ معهم وهم آدم وحواء وقال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبَا هَـٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}، فانظر إنه للمثنى ولا ذُرِّيَّة معهم.
وكذلك خِطاب الشيطان: {وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} صدق الله العظيم [الأعراف:20]، وكذلك بعد أن أكَلا مِنها قال الله تعالى: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ} صدق الله العظيم [الأعراف:22]، ونجد الخطاب موجَّهًا لاثنين وهُما آدَم وحواء ولا وجود لذريَّتهم معهم فلا يزالون في ظَهْر أبيهم آدم، وتَمّ طرد آدم وحواء إلى حيث البَشَر اليوم، ولم يُنجِب آدَم وحواء ذُريَّتَهم إلَّا مِن حيث أنتم، بل خَرج آدم وهُم في صُلبه. وأمَّا الأمْر فصدَر على اثنين فقط وهما آدم وحواء، وأمَّا الذُريَّة البشَريَّة فهي موجودةٌ في صُلب آدَم وقال الله تعالى: {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا ۖ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ ﴿١٢٣﴾ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ﴿١٢٤﴾ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا ﴿١٢٥﴾ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ ﴿١٢٦﴾} صدق الله العظيم [طه].
وكما قلنا بأن الهُبوط خطابه موجَّهٌ لاثنين وهُم آدم وحواء، وأما الذُريَّة فلا تزال في ظهر أبينا آدم ولذلك لا عِلم لذُريَّته بِما حَدَث مِن إبليس أنَّه كان سَبَب إخراج آدَم وحَوَّاء مِن الجَنَّة إلَّا مِن أخبار الكُتُب السماويَّة ولذلك قال الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٢٧﴾} صدق الله العظيم [الأعراف]، وهذه الآية جَليَّةٌ وواضِحةٌ تؤكِّد أن أمر الخروج صدَر لآدم وحواء ولا تزال الذُّرِّيَّة في صُلب آدَم ولذلك قال الله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ} صدق الله العظيم.
وسلامٌ على المُرسَلين، والحمدُ لله ربّ العالمين..
الإمام ناصر محمد اليمانيّ.
__________