الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
وبعد فالسلام عليك اخي الشيخ اليماني ورحمة الله وبركاته وعلى جميع انصارك واحبابك
لقد قرأت بيانك بتمعن فوجدت انه يحتوي على مسألتين بارزتين وهما :
1- منهج البحث والاستدلال
2- تطبيق على هذا المنهج وهو حديث الدجال
وكما وعدت سالتزم بما يرد لي من بياناتك والتزم بالرد عليها نقطة نقطة ولا اترك شاردة ولا واردة مما يستحق التعليق الا وعلقت عليها باذن الله
ولا اتصور ان بقينا على هذا الحال ان نصل الى نتيجة والسبب في ذلك اختلاف منهج الاستدلال بيني وبينك وعلى هذا فالمسائل التي نناقشها وسنناقشها لن نصل فيها الى حل الا في حالة واحدة فقط ان نتفق على منهج الاستدلال وهو الامر الذي بدأت به.
وتبرز اهمية الموضوع لان اختلافنا في هذه المسألة وغيرها بسبب الاختلاف في منهج الاستدلال ولذلك سابدأ بالقضية الاولى التي جاء بها البيان وهي منهج الاستدلال ثم على ضوء هذا نبحث مباشرة في موضوع الدجال.
- منهج البحث والاستدلال
قولك:" وصدق بذلك حديث سُنة البيان عن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ((كتاب الله سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به لن تزلوا ولا تضلوا، والأصغر سُنتي وإنهما لا يفترقان ) صدق محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعنى قوله والأصغر سنتي بمعنى أن القرآن هو الأكبر والمُهيمن على سنة البيان الغير محفوظة من التحريف ومعنى قوله لا يفترقان أي لايختلفان في شيئ بل كتاب الله وسنة رسوله الحق نور على نور ولا ينبغي لأحاديث سُنة البيان أن تُخالف لمُحكم القرآن فما خالف منها لمحكم القُرآن فإنه حديث مُفترى من الشيطان "
- وقولك"أفلا ترون أن القُرآن وسنة البيان نور على نور ولا ينبغي لهما أن يفترقا فيختلفا وما ينطق عن الهوى محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل سنة البيان هي كذلك من عند الرحمن وما ينبغي للرحمن أن يُناقض نفسه بنفسه سُبحانه وتعالى علواً كبيراً "قولك:"ولم يفتيكم محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الله وعدكم بحفظ آحاديث سُنة البيان وقال محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
(إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ أَتَانِي , فَقَالَ : إِنَّهُا سَتَكُونُ فِي أُمَّتِي فِتْنَةٌ ! فَقُلْتُ : فَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا جِبْرِيلُ ؟ فَقَالَ : كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ ، مَنْ وَلِيَ هَذَا الأَمْرَ مِنْ جَبَّارٍ فَيَقْضِي بِغَيْرِهِ يَقْصِمُهُ اللَّهُ ، وَمَنْ يَبْتَغِي الْهُدَى فِي غَيْرِهِ يُضِلُّهُ اللَّهُ )صدق محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"
قولك:" (وأخرج ابن أبي شيبة والدارمي والترمذي ومحمد بن نصر وابن الأنباري في المصاحف عن الحارث الأعور قال: دخلت المسجد فإذا الناس قد وقعوا في الأحاديث فأتيت عليا" فأخبرته فقال: أو قد فعلوها ؟ سمعت رسول الله يقول: " إنها ستكون فتنة قلت: فما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال: كتاب الله فيه نبأ من قبلكم وخبر من بعدكم وحكم ما بينكم "
[هذا الكلام منهجي وتأصيل في الموضوع والبحث فيه مهم لان كل الموضوع بل كل المواضيع التي تكلمت فيها اخي المحب تقوم على هذا الاساس ولذلك سنقف عنده وقفة طويلة فاقول مستعينا بالله:[/COLOR]
اولا: منهج استدلالك عندك هو عرض الحديث على كتاب الله على الفور فان خالفه كان الحديث مردودا والا فهو مقبول وهذ الامر يتم دون الرجوع الى صحة الاسناد لانك صرحت اكثر من مرة انك لا تهتم بعلم الاسناد مطلقا ونصحت الامة بان اهتماهم بهذا العلم خطأ محض.
وكنت دائما تستدل بقوله تعالى:" "وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83) "
وبايات اخرى لكن هذه الاية هي الاوضح .
وهذا المنهج للوهلة الاولى يظن انه لا غبار عليه فمنهج يقوم بعرض الحديث على كتاب الله بل دليل هذا المنهج هو آية من كتاب الله لمنهج احق ان يتبع.
اقول كلام جميل ومنهج بديع الا ان فيه محذورين عظيمين غفل عنه الكثير سواء كان اخي الشيخ اليماني او من كان قبله . والمحظوران هما:
[المحذور الاول:- هو انك لم تنتبه لحال الرجال اما نحن فاننا لا ننظر في الحديث اصلا الا اذا صح اسناده فاذا صح اسناده نظرنا بعد ذلك هل هنالك تعارض بين هذا الحديث واية من كتاب الله فان لم يكن قبلنا الحديث وان كان هنالك تعارض فما الحل ؟ الحل هو محاولة الجمع بين المتعارضين بوجه محتمل وبيانه في بيان المحذور الثاني.
فالمحذور الاول هو انك لم تنتبه لحال الرجال ولماذا معرفة حال الرجال مهم؟
لان الله ذكر لنا في كتابه محاولات المنافقين دس الحديث في صحيح حديث النبي صلى الله عليه وسلم فوضعوا هذا القانون المحكم لبيان ما حذرت منه الاية الكريمة وبهذا يعلم ان علماء الحديث عندما اهتموا بعلم الاسناد واحوال الرجال لم يركنوا كتاب الله وراء ظهورهم بل هم التزموا بامر الاية الكريمة وعلى هذا فهم بين خيارين اما ان يردوا الاحاديث كلها لان المنافقين وضعوا ما وضعوا او ان يشمروا عن السواعد لبيان ما وضعوه فكان لهم الثاني.
امر اخر مهم:
مما يدل على خطورة منهجك انك ستصدق احاديث صحيحة المعنى لا تخالف القران مع ان احد رواتها من المحكوم عليهم بالكذب فماذا انت صانع والنبي يقول في الحديث المتواتر لفظا ومعنى "يَقُولُ « مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ » " والحديث عام سواء كان المعنى صحيحا او لم يكن صحيحا فالكذب كذب بل بلغ عند اهل الحديث لتضعيف الحديث لمجرد انه فيه راو مثلا عرف بالنسيان او انه اختلط في اخر عمره...... الخ ثم تقول جزافا المنافقون لعبوا بالاحاديث التي بين ايدينا الان بنص الاية والمحدثون ليسوا بمعصومين .
اما الاية وقضية المنافقين فسيجاب عنها في حينه واما ان اهل الحديث ليسوا بمعصومين فهم كذلك ولكنهم ليسوا بمغفلين كما وصفتهم بحيث يسخر منهم المنافقون وينقلون احاديث تخالف نص القران بل يكذبها القران صراحة.وهذ باطل والله لان الناظر في شروح الاحاديث يرى ان الشراح اشاروا الى هذه المتعارضات ظاهريا فرفعوا هذا التعارض لان الحديث وصل لهم بطريق صحيح. ومجرد معارضته لاية من كتاب الله معارضة ظاهرية لا يفسد بريق الحديث لان التعارض حاصل حتى بين ايات كتاب الله و حتى لا تقولوا كفرت بالله لانك تقول ان القران متعارض سياتي بيان هذه النقطة[/
المحذور الثاني: انك لم تضع ضابطا يعرف به كذب الحديث وانه معارض للاية وينبغي ان نتوقف عنده جيدا ولا نتركه حتى نوفيه حقه فما هو ضابط مخالفة الحديث للاية؟ لم تبين لنا الضابط وكان ينبغي ان تكون اصوليا اكثر من ذلك.[/COLOR] فما هو الضابط اذن؟
الضابط هوانعدام الجمع بين الحديث والاية باي وجه من الوجوه ودليل هذا الضابط ما يلي:
ا- انه منهج الصحابة رضي الله عنهم الذين هم اعرف الناس بربهم الى هذه اللحظة ولانه الطريق الاسلم في حفظ الاحاديث الصحيحة من عبث العابثين.
ب- اختلاف العقول في ضبط المخالفة فما تراه انت مخالفا قد يراه الاخر غير ذلك ولذلك نرى ان الجمع بين الحديث الصحيح والاية بوجه من وجوه الجمع هو الضابط المطرد لا كما تقول انت.
فان قلت انكم خالفتم امر الله بوجوب عرض الحديث على الكتاب
نقول ليس صحيحا بل الكتاب بين اعيننا تماما والتعارض نقر به ولكننا لا نفرط في الحديث الصحيح الا اذا تعذر الجمع بينهما باي وجه من الوجوه وهذه هي النكتة التي فاتتك وتلقفها منها انصارك حفظك الله.
ج- ومن الادلة على هذا الضابط النماذج الكثيرة على صحة هذا الضابط واليك بعضا منها:
نماذج من تعارض الايات مع بعضها تعارضا ظاهريا
مثال(1): في القرآن الكريم نقرأ قوله تعالى: ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)ونحو وفي المقابل نقرأ قوله تعالى: { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب ) هل هذا تعارض حقيقي؟
مثال(2): قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ} .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أنه يوم القيامة لا يسأل إنسا ولا جانا عن ذنبه، وبين هذا المعنى في قوله تعالى في القصص: {وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ} وقد ذكر جل وعلا في آيات أخر أنه يسأل جميع الناس يوم القيامة الرسل والمرسل إليهم، وذلك في قوله تعالى: {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ} وقوله: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ, عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} هل هذا تعارض حقيقي؟
مثال(3):قوله تعالى: ) ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) الا يتعارض مع قوله تعالى:"تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ"
مثال(4): قوله تعالى:" وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ" وقوله تعالى" كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ "
فكما نرى هنالك تعارض في الظاهر وهو ان المشيئة في الاية الاولى اثبتها الله للانسان ونرى في الاية الثانية اثباتها الله لنفسه جل جلاله .
مثال(5): قوله تعالى "مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نزدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ } وقال تعالى: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا "
ففي الاية الاولى سيؤتي الله شيئا من الدنيا لكل طالب بلا استثناء وفي الاية الثانية سيؤتيها لمن يريد هو عز وجل فقط. وهذا تعارض ظاهري فما الجواب؟
فكيف نجيب عن هذه التعارضات؟
الجواب لا نقول ان الله تكفل بحفظه ونقف فهذه المسألة لا نقاش فيها ومن اعتقد غيرها فهو حلال الدم قولا واحدا.
ولكن نقول ان التعارض ظاهري وليس حقيقيا ثم ناتي بكل ايتين ونجمع بينهما باحد الاوجه المعروفة
فاذا استعملنا هذا المنهج مع ايات الله فمن باب اولى ان نستعمله مع الاية والحديث او مع الحديث والحديث اخر.
نماذج من تعارض الاحاديث مع بعض الايات تعارضا ظاهريا
مثال(1) الجمع بين حديث: ((إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه)) وقوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}
مثال(2) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} نريد الجمع بين هذه الآية وبين قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث الأمر بالمعروف: "من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده..." [رواه الإمام مسلم في "صحيحه ]؟ نكتفي بهذين المثالين والا فالامثلة كثيرة .
اما تعارض الاحاديث مع بعضها فامثلتها متوافرة ولا حاجة لنا بها في بحثنا هذا.
فما هو المنهج والضابط اذن؟ الجمع بلا نزاع ولقد استعملت اخي اليماني نفس المنهج بين ايتين من كتاب الله الاولى "لا تدركه الابصار" والثانية" الى ربها ناظرة" فقلت عن الاولى انها محكمة فلما عارضتها الثانية اولتها بخلاف الظاهر وقلت هو نظر القلب او شيء قريب من ذلك. مع انه تاويل ضعيف في الغاية لا يصدر عن عالم بكتاب الله مثلك وسياتي تفصيل المسألة في حينه.
وعلى هذا فمحذورا منهجك:
عدم التاكد من اسناد الحديث قبل عرضه على كتاب الله (وقد بينت عيب هذه الطريقة) وعدم محاولة الجمع بين الادلة المتعارضة ظاهرا بل تتصور دائما ان التعارض حقيقي بين الحديث والاية.
وحتى يكون هذا البحث المؤصل وافيا لا بد ان نجيب عن الاية التي طالما تستدل بها وقد حمّلتها اكثر مما تطيق.
تاويل قوله تعالى: :
"وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83) "
وخلاصة ما قال الشيخ في تفسير الاية:
ان علماء المسلمين او علماء الحديث اذا وصلهم الحديث من رسول الله اذاعوا به اي سرعان ما يتناقلونه ويؤمنون به ثم يقع الخلاف هل قاله النبي ام لا ولو انهم فقهوا لردوا هذا الحديث المختلف عليه الى كتاب الله كما امروا ولكنهم لم يفعلوا .
حتى جئت انت اخي اليماني فتنبهت لهذه القضية التي غفل عنها الجميع وحتى لا يُقدح فيك بانك تتهجم على الصحابة وغيرهم قلت ان المنافقين من الصحابة هم الذين كذبوا على الصحابة الاخيار فالذين يكذبون على الله وعلى الرسول من اليسير جدا ان يكذبوا على باقي الناس .
لقد قلت وكتبت كل هذا فزدت الاحزان حزنا والهموم هما وما كان على شخص رفيع مثلك ان يضع نفسه في هذه المزالق غفر الله لنا ولك.
اولا: قوله تعالى: { وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ } يخبر تعالى عن المنافقين بأنهم يظهرون الموافقة والطاعة.
{ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ } أي: خرجوا وتواروا عنك.
( بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ } وليسوا كلهم بل بعضهم بدليل قوله "طائفة".والمعنى أي: استسروا ليلا فيما بينهم بغير ما أظهروه.
فقال تعالى: { وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ } أي: يعلمه ويكتبه عليهم بما يأمر به حفظته الكاتبين، الذين هم موكلون بالعباد. يعلمون ما يفعلون.
وقوله تعالى:" فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ"
هنا سؤال كبير لاخي الشيخ لقد انكرت علي قولي ان اهل الحديث ضبطوا الرواة الواضعين (الكذابين) والضعفاء فقلت لي كيف علموا المنافقين والله يقول لاتعلمهم – اي النبي – نحن نعلمهم فاذا كان النبي لم يعلمهم فهل علمتهم ايها الهواري.
الجواب اين تدبرك لكتاب الله كيف يقول الله "فاعرض عنهم" والنبي لا يعلمهم هل فكرت في ذلك وكيف يقول الله " ولتعرفنهم في لحن القول" وقد اخبر النبي باسماء المنافقين لحذيفة ؟؟ هنا يأتي دور القاعدة العظيمة والتي اصّلها اهل العلم وهي التي نتحدث عنها الان وهي قاعدة الجمع بين الادلة المتعارضة.
ثانيا: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ): التدبر اوسع من عرض الحديث على القران مع ان هذا هو الاساس فيدخل في التدبر تفسير القران بالقران وهو من افضل انواع التفاسير ولكنه لا يكفي لوحده قطعا وانت تتكئ كثيرا على هذا النوع من التفسير ثم تفسير القران بالاحاديث الصحيحة ويدخل في التدبر علم اللغة والتي هي لغة القران ويدخل فيه التفسير المنطقي الذي يوافق الدين الى غير ذلك.
ثالثا: وقوله: { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ }
أي المنافقين كما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما والضحاك وأبي معاذ أو ضعفاء المسلمين كما روي عن الحسن وذهب إليه غالب المفسرين أو الطائفتين كما نقله ابن عطية.
وليسوا هم علماء المسلمين الذين اختلفوا بالحديث بدليل قوله تعالى:
"وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ منهم"
اولو الامر: العلماء لانهم هم الذين لهم القدرة على الاستنباط
والمعنى انه لو ان ضعفاء النفوس قبل ان يتناقلوا الخبر ردوه الى الرسول والى اولي الامر لعلمه من العلماء الذين لهم قدرة على الاستنباط هذا في حالة ان لم يجدوا في كتاب الله ولا سنة النبي صلى الله عليه وسلم شيئا.
فكيف يقول الشيخ المقصود بالذين اذاعوا به هم اهل الحديث او العلماء عموما والله يقول ردوه لهؤلاء العلماء وصدقوني لقد صرح بهذا الشيخ اكثر من مرة للاسف كيف يستقيم هذا مع قوله تعالى "وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ" اي العلماء؟؟؟؟
الا ان يكون الذين اذاعوا به هم علماء المسلمين واولوالامر هم الشيخ اليماني نفسه الذي يجزم دائما انه يهيمن على علماء الامة وانهم على ضلال مبين.
- وقد نص الله على الاستنباط والاستنباط في اللغة الاستخراج؛ يقال : استنبط الفقيه اذا استخرج الفقه الباطن باجتهاده وفهمه ، وأصله من النبط وهو الماء الذي يخرج من البئر أول ما تحفر ، والنبط إنما سموا نبطا لاستنباطهم الماء من الأرض .
- والاستنباط يحتاج الى الفقه. والفقهاء متوافرون زمن النبي وهم احرص الناس في الرد على افتراءات المنافقين ومنهم العبادلة الاربعة الاخيار فهم اهل علم وامانة ولسنا بأغير منهم وليسوا مغفلين كما يقول اخي اليماني لا والله بل هم على خير لان الذي رباهم هو محمد صلى الله عليه وسلم نفسه.
- واشار الله الى الاستنباط لانه مستطاع ويدرس وهذا الذي نطالب به بعد وفات النبي وهو الشيء الذي جرى عليه العمل الى يومنا هذا وبهذا يعلم ان ادعاء الوحي او الرؤية لا يصلحان اليوم ابدا ان يكونا محلا لاستنباط الاحكام لانها امور يدعيها من يدعيها وحاشا لله ان يكلف الناس باشياء باطنة لا تنضبط.
- الضمير في قوله تعالى "لعلمه" يعود الى اقرب مذكور وهم اولو الامر المتواجدون زمن النبي وكذلك من اتصف بذلك بعد ذلك.
رابعا: "وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا"
فيه تصريح بان هذا الشيء الذي جزم به اخي اليماني وهو دخول احاديث المنافقين احاديث النبي لم يقع ولله الحمد فاخي اليماني يصرح بان العلماء اتبعوا الشيطان والله يقول انه لولا رحمته لاتبعتم الشيطان ولقبلوا هذه الاحاديث وعملوا بها فماذا يقول اخي في ذلك ومن هو الذي يتقول على الله بغير علم منا.[/CENTER]
- وقوله: "إِلَّا قَلِيلًا"
، فالمراد بالقليل الأحوال التي تنساق إليها النفوس في بعض الأحوال بالوازع العقلي أو العادي وليس التهويل الذي ذكره الشيخ بان علماء الامة انطوت عليهم احاديث المنافقين وعملوا بها وتركوا القران وراء ظهورهم .... هل هذا ينسجم مع "الا قليلا"
لو كان كلامك صحيحا لما كان للاية " وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ" ايُّ معنى .
والذي يوضح المعنى اكثر هو سبب النزول التالي ومعرفة سبب النزول كما في اصول التفسير يعين كثيرا على فهم المعنى وان كان العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب:
حديث عمر بن الخطاب المتفق عليه، حين بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طَلَّق نساءه، فجاءه من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك، فلم يصبر حتى استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفهمه: أطلقت نساءك؟ قال: "لا". فقلت الله أكبر .
وعند مسلم: فقلت: أطلقتهن؟ فقال: "لا" فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه. ونزلت هذه الآية: { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر.
ومن هنا نعلم ان هذه المسائل ينبغي ان تُخرّج على المعنى الذي ذكرتُ وعلى هذا المنهج سادفع بالمسالة الثانية لكم والذي نص عليها بيان الشيخ وهي مسألة بعض اوصاف الدجال التي وردت في بعض الاحاديث الصحاح وعليه سنرى هل احاديث الدجال منضبطة على منهج الشيخ ام على منهج علماء اهل السنة والجماعة.