الإمام ناصر محمد اليماني
19 - 10 - 1429 هـ
20 - 10 - 2008 مـ
09:40 مساءً
ــــــــــــــــــــ
حديثٌ فيه إدراجٌ زائدٌ
[ حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد ]
اعلم أخي السائل بأنّ الروايات منها ما هو حقٌّ ومنها ما هو مُدرجٌ وهو المخلوط؛ حقٌ وأُضيف إليه باطلٌ، ومنها ما هو باطلٌ ما أَنزلَ اللهُ به من سلطان. وبالنسبة لسؤالك عن صحة هذا الحديث: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: [إن من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل والزنى وشرب الخمر وتقل الرجال وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد].
فهذا الحديث النبويّ هو حقاً من علامات الساعة الصغرى وليس من الأشراط الكبرى للساعة، ولكنه يوجد فيه إدراجٌ ما أنزل الله به من سلطان وهو: [حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد]، لأن هذا لا يقبله العقل ولا الشرع أن يتزوج الرجل خمسين امرأة! لأن ذلك هو المقصود من الإدراج الزائد هو مخالفة الشرع وتعرض المرأة للفتنة نظراً لعدم إشباع رغبتها من زوج لخمسين امرأة، وذلك حتى يأتي زمانٌ فيقوم بعض العلماء الذين يتّبعون أحاديث وروايات الفتنة المخالفة للشرع فيقومون بتحليل الزواج من نساء المسلمين إلى خمسين زوجة نظراً لأن النساء أصبحن أكثر من الرجال، ومن ثمّ يستندون إلى المدرج الباطل الذي أضيف بغير الحقّ إلى هذه الرواية. وذلك هو ما يبغيه الذين يفترون على الله ورسوله بغير الحقّ فوضعوا زيادةً في هذه الرواية بغير الحقّ لعل المسلمين يستندون إلى ذلك يوماً ما فيخرجون عن شرع الله، ولكن الله خلق كُل شيء بقدرٍ، والله يعلم بأنه سوف يتضاعف عدد النساء إلى أكثر من تعداد الرجال، وقد يصل إلى أربعة أضعافٍ، ولذلك أحلّ للمسلمين بالزواج من أربع من النساء أو ما ملكت أيمانكم، ولكن بغير ظُلمٍ، ولا يُكلف الله نفساً إلا وسعها. ولذلك أحلّ للمسلمين بالزواج من الإماء الزائدة، وحرّم الله على المسلم الذي لديه إماء كثيرة بالتمسك فوق قدرته الجنسيّة، وذلك لأنه سوف يُكرهها على البغي إن أردن تحصناً بالزواج من رجلٍ من المسلمين الذين لا يستطيعون النكاح من نساء المسلمين الأحرار، فعليه أن ينكح من الإماء اللاتي لدى إخوانه المسلمين شرط أن ينكحها بإذن أهلها، وأهلهن هم الذين يملكونهن تصديقاً لقول الله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ۚ وَاللَّـهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم ۚ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۚ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} صدق الله العظيم [النساء:25].
وكذلك لا يجوز لمالكها أن يرفض أن يزوّجها لأخيه المسلم فما دامت هي موافقة بالزواج، فذلك لأنها تعاني من نقص ما في الحقوق من مالكها، ولذلك لا يجوز له أن يرفض تزويجها ما دامت رغبت في الزواج برجلٍ آخر سواء حرّ من المسلمين أو عبد، وذلك لأنه إذا رفض فحتماً سوف يجبرها على البغي والزنى. تصديقاً لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا ۖ وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّـهِ الَّذِي آتَاكُمْ ۚ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّـهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} صدق الله العظيم [النور:33].
إذاً كيف لرجلٍ أن يتزوج من خمسين امرأة، أفلا ترى بأنه سوف يُكرههنّ على البغاء ويأتين الزنى نظراً لعدم إشباع رغبتهن من رجلٍ واحدٍ؛ زوج لخمسين امرأة؟ بل لا يمكن أن يبلغ خمسين ضعف تعداد الرجال على تعداد النساء فهذا مستحيل، ولم يجعل الله علينا في ديننا من حرجٍ وأنزل الكتاب على علمٍ منه فلا يمكن أن يخلق الله مشكلة أمام الشرع حتى يضعوا لهم شرعاً آخر غير شرع الله الذي جاء به خاتم الأنبياء والمرسلين ومن ثمّ يستندون إلى هذا المُدرج الباطل في هذه الرواية فيقول الذين يتّبعون أحاديث وروايات الفتنة المُخالفة لمحكم القرآن العظيم لمُحكم قول الله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا} صدق الله العظيم [النساء:3].
ومن ثمّ يقول بعض العلماء الذين يتّبعون روايات وأحاديث الفتنة إنه بناءً على أن محمداً رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - أخبرنا من أنه سيأتي زمانٌ تكثر فيه النساء على تعداد الرجال، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: [وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد]. وبناء على هذا وما ورد عن النبيّ فإنه يحلّ لخمسين امرأة أن يكون عليهنّ رجلاً واحداً فيكون زوجاً لهنّ بحجّة أنه جاء زمانٌ كثرت فيه النساء على الرجال. ومن ثمّ يستبدلون الحقّ بالباطل بحجة كثرة النساء برغم أن النساء وإن كثرن على الرجال فلا يمكن أن يزيد تعدادهم على أربعة أضعاف تعداد رجال المسلمين، وبناء على التوضيح للمُدرج الزائد في هذه الرواية الحقّ أصبح الحديث الحقّ الذي نطق به محمد رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - هو قوله عليه الصلاة والسلام:
[إن من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل والزنى وشرب الخمر وتقل الرجال وتكثر النساء].
صدق محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وكذلك نقوم بغربلة السُّنة المحمديّة الحقّ فأدافع عن سنة محمدٍ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - فأعيدكم إلى منهاج النّبوة الذي كان عليه هو وصحابته عليه الصلاة والسلام. وذلك لو احتكم إلينا علماء المسلمين في جميع ما كانوا فيه يختلفون ومن ثمّ نقوم بتطبيق جميع الأحاديث على ما جاء في محكم القرآن العظيم، وما وجدناه قد جاء مخالفاً لمحكم القرآن العظيم عندها تعلمون أنّ ذلك باطلٌ سواء حديث مفترى أو زيادة إلى الحديث الحقّ.
وأما سؤالك عن الحديث الآخر: [لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله الله] صدق محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، لأنّ الساعة تقوم على شرار الناس الذين استبدلوا الحقّ بالباطل تصديقاً لقول الله تعالى: {ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴿١٧﴾} صدق الله العظيم [سبأ].
وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله ربّ العالمين..
المجيب بالحق؛ الإمام المهديّ ناصر محمد اليماني.
________________