الإمام المهدي ناصر محمد اليماني
26 - شوال- 1429 هـ
26 - 10 - 2008 مـ
09:49 مساءً
(بحسب التقويم الرسمي لأمّ القرى)
____________
بل ألهمكَ الشّيطانُ وليس وحيًا مِن الرحمن ..
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمُرسَلين وآله الطيّبين والتَّابعين للحقّ إلى يوم الدين، وبعد..
أخي المُسافِر، اتَّقِ الله قبل أن تسافر بالخروج النّهائي مِن هذه الدُّنيا فتلاقي ربّك فيسألك كيف تقول عليه غير الحقّ؛ بل ألهمك الشّيطانُ وليس وحي الرحمن.
واعلم أخي الكريم بأنّ وحي التّفهيم هو:
إما أن يكون مِن الرحمن الرحيم، وإما أن يكون بوسوسة الشّيطان الرّجيم، وسوف أخبرك كيف تعلم علم اليقين أنّه من الرحمن وليس من الشّيطان، فبما أنّ محمدًا رسول الله هو خاتم الأنبياء والمُرسَلين فلا وحيٌ جديدٌ يتنزَّل على أحدٍ مِن بعده، وأنا الإمام المهديّ الحقّ من ربّكم حين أقول عَلَّمني الله بوحي التّفهيم فُيعَلِّمني، فإنه يُعَلِّمني بالسلطان المُبين مِن ذات القرآن فآتيكم بالبيان لكثيرٍ مِن الآيات مِن ذات القرآن وليس برأيي وأعوذ بالله أن أقول على الله بالرأي؛ بل أُحَرِّم البيان بالرأي وبالاجتهاد بغير علمٍ وسلطانٍ منيرٍ مِن ذات القرآن، أما إذا لم تأتِ بالبرهان مِن ذات القرآن فمِن أين لك هذا البيان؟! تصديقًا لقول الله تعالى: {إِنْ عِندَكُم مِّن سُلْطَانٍ بِهَـٰذَا ۚ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم [يونس:68].
فإن قلت: " علّمني الله بوحي التّفهيم "، ومن ثم أردّ عليك: فأين السّلطان المُبين على إنّه وحيٌ مِن الرحمن وليس مِن الشّيطان؟ تصديقًا لقول الله تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} صدق الله العظيم [النمل:64].
فإذا لم تأتِ بسلطانك مِن ذات القرآن بسُلطانٍ مُقنعٍ لأولي الألباب فعند ذلك تبيّن لك ولهم بأنّه ليس تفهيمًا مِن الرحمن بل وسوسة شيطانٍ رجيمٍ يأمرك أن تقول على الله ما لا تعلم علم اليقين، فإن اتّبعته أضلّك عن الصّراط المستقيم؛ ذلك لأنّ الشّيطان يأمركم أن تقولوا على الله بالبيان للقرآن ما لا تعلمون، ولكنّ الله حَرَّم على المؤمنين أن يقولوا على الله ما لا يعلمون.
ولربّما تودّ أن تقاطعني فتقول: " ولكنّ المفسرين فسّروا كثيرًا من آيات القرآن بالاجتهاد ظنًّا مِنهم أنّه الصّواب، فلو تقول لأحدهم: اقسم بربّك أنّ بيانك هو الحقّ من ربّك بلا شكٍّ أو ريبٍ. لرفض أنّ يُقسِم وقال: اللهُ أعلم، إن أخطأتُ بالتفسير فَمِن نفسي وإن أصبتُ فبما علَّمني الله. فهل تستطيع يا ناصر محمد اليماني أن تُقسم بالله العليّ العظيم أنّ بيانك هو الحقّ الحقيق مِن الله بلا شك أو ريب؟ ".
ومن ثم أردّ عليك وأقول: أقسم بالله الواحد القهّار الذي يُدرِك الأبصار ولا تُدرِكه الأبصار الذي خلق الجان مِن مارجٍ من نار وخلق الإنسان من صَلصالٍ كالفخّار أنّ بياني للقرآن هو الحقّ من الرحمن بوحي التّفهيم وليس وسوسة شيطانٍ رجيم، فأين تذهبون إن كنتُ لَمِن الصادقين وأنتم تكذبون بالحقّ؟
ولربّما يودّ المسافر أن يسألني: " وكيف علمتَ علم اليقين أنّ بيانك للقرآن بوحي التّفهيم مِن الرحمن الرحيم وليس وسوسة شيطان رجيم؟ وعلى سبيل المثال قولك: أنّ بيان المفسرين للقرآن إمّا أن يكون مِن الرحمن أو مِن الشّيطان ".
ومن ثم أرد عليك فأقول لك: لأنّي علمت أمر الشّيطان إلى مُفسّري القرآن، وعلمت أمر الرحمن إلى مُفسّري القرآن، فأما أمر الرحمن فأمرَنا أن لا نقول على الله ما لا نعلم عِلم اليقين بالسّلطان المُبين من ربّ العالمين، وحرَّم علينا أن نقول عليه بالظنّ الذي لا يُغني من الحقّ شيئًا، والظنّ هو: يُحتَمَل أن تكونَ أصبت ويُحْتَمَل أن تكون أخطأت، بمعنى أنّك لا تعلم علم اليقين هل أنت على صوابٍ أم على خطأ في تفسيرك للقرآن، وهذا مُحَرَّمٌ على المؤمنين في مُحكَم القرآن العظيم، وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿١٦٨﴾ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿١٦٩﴾} صدق الله العظيم [البقرة].
ومن ثم انظر إلى أمْر الله تجده حرَّم اتّباع أمر الشّيطان باتّباع السّوء والفحشاء وأن نقول على الله ما لا نعلم، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّـهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴿٣٣﴾} صدق الله العظيم [الأعراف].
إذًا أحدُنا اتَّبع أمر الشّيطان والآخر اتّبع أمر الرحمن، والحَكَم بيننا أيّها المسافر سلطان العلم الحقّ من ذات القرآن، وأراك تُحاجّني بتفسير الأحرف في أوائل سور القرآن وتتّهمُني بغير الحقّ بأنّي فسرتها برأيي من رأسي من ذات نفسي، والله المستعان على ما تصفون! وأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين، وإذا لم أكُن (ن) في القرآن العظيم (المهديّ) الذي يؤتيه الله علم الكتاب ليُحاجّ به النّاس بالعلم والمنطق حتى يتبين لهم أنّه الحقّ فإنّ الكذب حباله قصيرة أخي المسافر، فإذا لم أكُن (ن) فلن يؤتيني الله علم الكتاب لأحكُم بين جميع علماء المسلمين في جميع ما كانوا فيه يختلفون وأهدي النّاس أجمعين إلى الصّراط المستقيم ثم يأتي المسيح الدَّجال الشّيطان الرجيم ليفتنهم مِن بعد الهُدى ليُمَحِّص الله ما في قلوبهم، تصديقًا لقول الله تعالى: {الم ﴿١﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿٢﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّـهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴿٣﴾} صدق الله العظيم [العنكبوت].
وبناء على علمي مِن القرآن العظيم أفتي بالحقّ عن المقصود بهذا الرمز {الم ﴿١﴾} فيما يرمز إليه في هذا الموضع؛ ويقصد (المهدي) الذي يهدي الله به النّاس أجمعين فيجعلهم بإذن الله أمّةً واحدةً على صراطٍ مستقيمٍ، ولذلك لم يقل الله أحسب الذين آمنوا أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يُفتنون؛ بل قال الله تعالى: {الم ﴿١﴾ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ﴿٢﴾ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّـهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴿٣﴾} صدق الله العظيم.
فأما {الم ﴿١﴾} فهو يرمز إلى (المهديّ)، ذلك لأنّ الله سوف يهدي بالمهديّ النّاس أجمعين فيجعلهم أمّةً واحدةً ظاهر الأمر على صراطٍ مستقيمٍ فيكون الدين كلّه لله ظاهر الأمر، ثم يأتي المسيح الدَّجال بالفتنة فيعلمنّ الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين، فأما الصّادقون فسوف يوفون؛ فصدقوا ما عاهدوا الله عليه، وأما ما دون ذلك فسوف ينقلبون على وجوههم مع المسيح الدَّجال ضدّ المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّهم.
ويا أخي المسافر، لو كان ناصر محمد اليماني كما تظنّ فيه بغير الحقّ فلن تجد لدينا علم الكتاب، وأنا لا أدَّعي؛ بل الحقّ من ربّ العالمين، وليس بالظنّ والاجتهاد فإذا كنتُ كذلك فسوف يكون مثلي كمثل أحد علماء الأمّة أتمسّك بما أرى ثم لا أستطيع أن أقنع عالمًا آخرًا يُجادلني برأيٍ مثلي ثم لا أستطيع أن أقنعه ولا يستطيع أن يقنعني - فتفرَّقوا إلى شيعٍ وأحزابٍ وكلّ حزبٍ بما لديهم فرحون - ولأنّي المهديّ المنتظَر الحقّ من ربّ العالمين الذي يؤتيه اللهُ علم الكتاب فلا ولن تجد عالمًا ليس ذا جدال عقيمٍ إلا أقنعته بالحقّ الذي معي بإذن الله.
وأضرب لك على ذلك مثلًا حوارًا افتراضيًّا مختصرًا بين المهديّ المنتظَر وأحد علماء المسلمين:
العالِم: يا ناصر محمد اليماني، اتّقِ الله فإنّك كذابٌ أشِرٌ ولستَ المهديّ المنتظَر، والدليل على أنّك كذاب أشر هو نفيك لحدّ الرّجم بزعمك أنّه لا يوجد في القرآن العظيم، فهل عندك سلطان بهذا أم مِثلك كمثل المهديّين المفترين على ربّ العالمين؟
المهديّ: اعلم أخي الكريم بأنّه لم يكُن السّبب لنفي حدّ الرّجم بُحجّة أنّه ليس موجودًا في القرآن العظيم ولذلك نفيتُه، وأعوذ بالله أن أكون من الذين يستمسكون بالقرآن وحده ويذرون سنّة محمد رسول الله الحقّ وراء ظهورهم، إذًا لست المهديّ المنتظَر إن فعلتُ ذلك؛ بل أدعوكم إلى الاستمساك بكتاب الله وسُنّة رسوله الحقّ التي لا تُخالف لحدود الله المُحكَمة في القرآن العظيم، ولأنّ حدّ الرّجم للزُناة المتزوجين قد جاء مُخالِفًا لحدّ الله الحقّ في القرآن العظيم جملةً وتفصيلًا اختلافًا كثيرًا لأنّه من عند غير الله؛ حدٌّ مفترى موضوعٌ بغير الحقّ.
وتجدون في حدّ الرّجم ظُلمًا كبيرًا، فإذا كان لأحد المسلمين زوجتين إحداهُنّ حرّة والأخرى أمّة (مِلكُ يمين)، ومن ثم أتين الفاحشة كلتاهما، ومن ثم يقوم برجم إحداهُنَّ بالحجارة حتى الموت برغم أنّ الأخرى لن يجلدها إلا بخمسين جلدة برغم أنّهنّ متزوجاتٌ فإحداهنّ رجمًا بالحجارة حتى الموت بينما الأخرى ليس إلا تجلد بخمسين جلدة! ويا سبحان الله! إنّ الله قد حَّرم الظُلم على نفسه وجعله بين عباده مُحرَّمًا ولا يظلم ربّك أحدًا، فحكمَ على الحرة المتزوجة بمائة جلدة، وأما الأخرى فأراد الله أن يؤلّف قلبها على الدين، وقد تكون إحدى نساء الكافرين مِن غنائم الحروب، وأراد الله أن يؤلِّف قلوبهنّ على الدين فتتوب إلى الله متابًا، ولذلك لم يأمركم أن تجلدوهنّ إلا بخمسين جلدةٍ (نصف حدّ الحُرّة المتزوجة)، تصديقًا لقول الله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} صدق الله العظيم [النساء:25].
أفلا تعقلون؟ إنما أنفي حدّ الرّجم لأنّه جاء مُخالِفًا لحدّ الله في مُحكَم القرآن العظيم، فاتّقوا الله ولا تقتلوا النّفس التي حرَّم الله قَتْلها إلا بالحقّ لأنّ الرّجل أو المرأة مُعرَّضون للوقوع في الفاحشة سواء كانوا متزوجين أو غير متزوجين نظرًا لأنّ الإنسان خلقه الله ضعيفًا وأحيانًا تغلب عليه شهوته فيقع في الفاحشة، وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ ۗ وَاللَّـهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴿٢٦﴾ وَاللَّـهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴿٢٧﴾ يُرِيدُ اللَّـهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴿٢٨﴾} صدق الله العظيم [النساء].
وذلك لأنّ الله يعلم بأنّ الإنسان ليس من الملائكة وقد تَغْلِبُ عليه شهوتُه سواءً متزوجًا أم أعزبًا، ومن ثم يندم على ذلك إن كان من المؤمنين لأنّه يعلم بأنّ ذلك محرَّمٌ فيكون على ما فعل من النّادمين التّائبين المُنيبين، وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّـهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَىٰ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴿١٣٥﴾ أُولَـٰئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴿١٣٦﴾} صدق الله العظيم [آل عمران].
والتوبة شيءٌ بَيْن العبد وربّه حتى ولو أتى إلى عند الحاكم وقال بأنّه زَنى وتاب إلى الله متابًا، فإن كان لن يتوب الله عَلَيّ حتى تجلدوني بمائة جلدةٍ فقد جئت إليكم لتجلدوني. فإذا كان مِن العلماء الحقّ فسوف يقول له: " يا بني إنّ اللهَ أمرنا في مُحكَم القرآن العظيم أن نُعرِض عنك ما دام علمنا بتوبتك وصلاحك من قبل أن نقدِر عليك وأنت تفعل الفاحشة ولو قَدِرنا عليك وأنت تفعلها لجلدناك بمائة جلدة كما أمرنا الله في مُحكَم القرآن العظيم في قول الله تعالى: {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴿١﴾ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴿٢﴾} صدق الله العظيم [النور].
أما أنت فقد تُبتَ من قبل أن نقدِر عليك وتاب اللهُ عليك الذي يعلم بتوبتك وصلاحك وقد أمرنا اللهُ في مُحكَم القرآن العظيم أن نُعرِض عنك مِن بعد توبتك وصلاحك لأنّ ربّك غفورٌ رحيمٌ، تصديقًا لقول الله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا ۖ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ﴿١٦﴾} صدق الله العظيم [النساء].
وعليك أن تعلم بأنّ اللهَ استبدَل جُزءً من هذه الآية في قول الله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا} فاستبدلَه بحدّ الجلد بمائة جلدة لو قَدِرنا عليك مِن قبل توبتك، وأما وقد تُبتَ فقد تاب اللهُ عليك ورفع حدّه عنك، تصديقًا لقول الله تعالى: {فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا ۗ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا} صدق الله العظيم.
ولم يرفع اللهُ حدّه عنك فحسب؛ بل رفع حدوده عن جميع التّائبين الذين تابوا مِن قبل أن نقدِر عليهم ولم نعلم بهم مهما كانت ذنوبهم، فقد رفع الله جميع حدوده عن جميع المفسدين في الأرض الذين تابوا من قبل أن نقدِر عليهم ولا نعلم بأنّهم مَن فعلوا ذلك إلَّا حين جاءوا إلينا مُعلِنين توبتهم النّصوح لربّهم وأنّهم قتلوا أو سرقوا أو نهبوا ثم جاءونا ليُخبِرونا بأنّهم أصحاب الأفعال المجهولة ولا نعلم بهم فنطاردهم، ولكنّهم تابوا إلى الله متابًا وجاءوا إلينا ليُخبِرونا بتوبتهم النّصوح لله ويخبِرونا بما فعلوا بأنّهم قتلوا فلانًا وفلانًا وسرقوا فلانًا وفلانًا ونهبوا فلانًا وفلانًا ومِن ثم ينظر العالِم الحقّ ما هو حُكم الله في شأن هؤلاء التّائبين المُنيبين إلى ربّهم فيجد الفتوى من ربّ العالمين في مُحكَم القرآن العظيم: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴿٣٣﴾ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣٤﴾} صدق الله العظيم [المائدة].
وتدبّروا فلا تعصوا أمر الله المُحكَم: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴿٣٤﴾} صدق الله العظيم.
فكيف يعصي محمدٌ رسول الله أمر ربّه - عليه الصلاة والسلام - كما تزعمون أنّها جاءت إليه امرأةٌ تائبة إلى ربّها لتُخبره بما صنعت، ثم يقوم برجمها بالحجارة حتى الموت؟ إنّما يريد المنافقون أن يشوِّهوا بدينكم حتى يصفه البشر بالدين المتوحش، وما أكثر النّاس الذين يقعون في هذا الخطأ وخيرُ الخطّائين التّوابون.
وأما بالنسبة للحقوق الماديّة، ما كان لديهم مِن الحقوق للناس فيجب إرجاع المسروق إلى صاحبه والمنهوب إلى صاحبه وديّة القتل لولي أمر المَقتول، ولا تُقام عليهم حدود الله من بعد توبتهم النّصوح الذي لم يكُن يعلم بأنّهم أصحاب الفساد في الأرض سِواه سبحانه، ومجيئهم دليلٌ على توبتهم الخالِصة إلى ربّهم وإنّ الله يغفر الذنوب جميعًا إنّه هو الغفور الرحيم، ذلك لأنّهم لم يقنُطوا من رحمة ربّهم فأنابوا إليه فتاب عليهم ورفع عنهم جميع حدوده إنّه هو الغفور الرحيم. تصديقًا لقول الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ ۚ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴿٥٣﴾ وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ ﴿٥٤﴾ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴿٥٥﴾ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴿٥٦﴾ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّـهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿٥٧﴾ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٥٨﴾ بَلَىٰ قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴿٥٩﴾ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّـهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ ﴿٦٠﴾ وَيُنَجِّي اللَّـهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴿٦١﴾} صدق الله العظيم [الزمر].
وسلامٌ على المُرسَلين، والحمدُ لله ربِّ العالمين..
خليفةُ اللهِ في الأرض الذي سوف يَحكُم بما أنزل اللهُ الإمامُ الناصر لما جاء به محمدٌ رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم - الإمام ناصر محمد اليماني.
___________