الحمد لله رب العالمين
أخي الكريم أبو خالد
اعلم حبيبي في الله أن الى الله المنتهى بأشواقنا ومحبتنا
والنعيم لا يزدهي الا باكتمال المعارف بقدسيتها وطهرها
وما غاياتننا الا بلوغ الحق بطهر سعينا فنحن لسنا في
حلبة عراك وجدال واعلم أن الله تعالى واسع عليم يعلم
سعي عباده اليه ويعلم صدقهم ، وما تخللت محبة الا بمعرفة
قدر من تعبد فيتهذب السعي بصدق الصادقين وهذه المحبة
الغامرة غمرت قلوب أحباب عظموا قدر ربهم بتأملهم الشديد
وتدبرهم لآياته البينات العامرة باشراقات الرحمة والحكمة والنور
واعلم حبيبي في الله أن الله تعالى لا يرضى لعباده الكفر وهذب
الغايات لبلوغ أمره وما انتقم الله من الذين ظلموا أنفسهم الا لما
آسفوه لكن اذا تحقق النعيم الأعظم من رضوان نفسه أشرقت
الأنوار بالهدايات وتآلفت القلوب على الحق بما هو أسمى في
معرفة من له قدر عظيم عامر بالرحمة والرضوان وتبينت الحكمة
بالحق لأحكم الحاكمين العليم الحكيم في خلقه وانما الأشياء برحمة
الله يا أبا خالد، وهذا لمن فقه وتدبر عزيز خطاب أرحم الراحمين
ويجب أن تعلم أن ما نسعى اليه هو بلوغ الحق
بنور الحق من الكتاب وما بينه الله تعالى لعباده في آياته البينات المحكمات
وما وافقها من أخبار صحيحة
فهناك غايات سامية ومقاصد علية كبيرة مهذبة بسعيها ومنافستها
بالحق تتبين من عزيز خطاب مغمور بالرحمة والحكمة ، فسر الحكمة
من خلقهم ليس الجنة والنار بل من الغايات ما يسمو في رحابة ملك كبير
الى غايات رضوانية أكبر تلهم عباده بحق الى محبة شديدة ومعرفة بقدر
مولاهم ومحبوبهم الرحيم بهم فتستقيم غايات قلوبهم الى تدارك عمق
خطاب يهذب سعيهم ويؤالف بين قلوبهم خاشعين وصادقين في محبتهم
وهذا لمن تدبر وتفقه آيات الله العظيمة في كتابه المبين والحكيم
والنعيم الأعظم هو الغاية وسر الحكمة من خلقهم و بمعرفة
اسمه الأعظم تتهذب غايات القلوب في سعيها وتتخللها محبة
رب رؤوف رحيم بالناس وهو الذي رسم لهم الغايات
والمفاوز برحمته .
فهم ما قدروا الله حق قدره ، ولما قالت الملائكة الكرام في
عزيز خطابه( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء) الآية
قال عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم( قال اني أعلم ما لا تعلمون) الآية ،
وما كان لهم ليدركوا كمال رحمته وغايات حكمته في خلقه
برحمته لبلوغ أمره الحكيم.