ولربما يود أن يقاطعني أحد علماء المسلمين من أصحاب الاتباع الأعمى فيقول:
سبقت فتوانا عن الذين جاءنا العلم عن طريقهم أنهم صادقون ثقات، ولذلك نقول أن ذلك الحديث أو التفسير ورد عن أناس ثقات لا يكذبون، ولذلك اقتفينا أثرهم وعلَّمنا الناس ما ورد عنهم من العلم أنه عن الرسول.
ومن ثم يرد عليه الإمام ناصر محمد اليماني وأكرر الفتوى بالحق :
أن تًلَقِّي العلم من المُعلم لم يتأسس على أنه ثقة من الصادقين فلن تغني عنكم ثقتكم فيهم من الله شيئاً، وسوف يحملون وزركم وأنتم تحملون وزر من اتبعكم واقتدى بهديكم إلى يوم القيامة.
ولربما يود أن يقاطعني عالِم آخر فيقول:
يا ناصر محمد، لا تخيفنا حتى لا نجرؤ أن نفتي في مسألة في دين الله خشية أن تكون خطأ، وبما أنك تقول أن الله لم يَبْنِ أساس الاتباع على الثقات فعلى أي أساس أمرنا الله في اقتفاء أثر السلف من بعد الخلف؟
ومن ثم يرد عليه الإمام ناصر محمد اليماني وأقول:
أمركم الله أن تقتفوا أثرهم بعلمٍ وسلطانٍ منير من ربهم، بشرط أن يكون علمهم تخضع له العقول وتُسلم تسليماً أنه العلم الحق من رب العالمين لا شك ولا ريب. كون العقل المتفكر في سلطان علم الداعية إذا كان سلطان العلم هو من عند الله لا شك ولا ريب فحتماً يجد عقله يخضع لذلك العلم ويرى أنه علم من عند الله لا شك ولا ريب. كون العلم الحق والعقل لا يمكن أن يختلفا، ولا غنىً لأحدهما عن الآخر، فالعقل لا ينفع وحده إذا لم يستند إلى سلطان العلم المقنع من الرب، كون سلطان العلم إذا كان من عند غير الله فسوف تجدون عقولكم لا تقتنع به، وكذلك قلوبكم ليست مطمئنة لذلك من بعد التفكر والتدبر في سلطان علم الداعية إذا كان من عند غير الله مفترى، وعلى هذا الأساس يبني عليه طالب العلم بعدم الاتباع الأعمى.
وأمركم الله أن تستخدموا عقولكم فتتفكرون في سلطان علم ذلك الداعية هل يقبل سلطان علمه عقولكم وتطمئن إليه قلوبكم؟ كونهم إن أضلَّكم الذين يقولون على الله مالا يعلمون فسوف يسألكم الله عن عقولكم كيف تتبعوهم اتباع الأعمى من قبل التفكر والتدبر في سلطان علم الداعية وذلك تنفيذاً لأمر الله إلى طلبة العلم في قوله تعالى:
{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} صدق الله العظيم [الإسراء:36]
كون سبب ضلال الأمم هو الاتباع الأعمى لأسلافهم كونهم لم يتفكروا فيما وجدوا عليه آباءهم بل اقتفوا أثرهم من غير تدبرٍ ولا تفكر بعقولهم، بل قالوا لأنبياءهم:
{أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (22) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25)} صدق الله العظيم [الزخرف]
ولربما يود أن يقاطعني أحد الباحثين عن الحق فيقول:
فهل تبين للأمم - الذين ضلوا جميعاً - عن سبب ضلالهم عن اتباع الحق من ربهم؟
ومن ثم يرد عليه الإمام المهدي ناصر محمد اليماني وأقول:
اللهم نعم لقد تَبيَّن للأمم الضالة أن سبب ضلالهم عن الصراط المستقيم هو الاتباع الأعمى لأسلافهم من غير تفكرٍ ولا تدبر، ولذلك قالوا جميعاً بلسان واحد جميعاً، أن سبب ضلالهم هو الاتباع الأعمى وعدم استخدام العقل لِما وجدوا عليه آباءهم، وعدم المقارنة بالعقل بين سلطان علم اسلافهم وسلطان علم الداعية الجديد إليهم من ربهم، الذي يقول لهم:
{مَا هَـٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ ﴿٥٢﴾ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ ﴿٥٣﴾ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴿٥٤﴾ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ ﴿٥٥﴾ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَىٰ ذَٰلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ ﴿٥٦﴾}
صدق الله العظيم [الأنبياء]
ولكن للأسف ماكان جواب أصحاب الاتباع الأعمى إلا أن قال أكابر القوم لأقوامهم احذروا اتباع أنبياء الله الذين جعلوا الآلهه إلهاً واحداً، بل نالهم العَجَب الشديد من الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك له. وقال الله تعالى:
{وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (4) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (5) وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (6) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (7)أَأُنزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (8)} صدق الله العظيم [ص]
واتبع الضعفاء من أقوام الذين استكبروا منهم وأطاعوهم وحاربوا معهم دعوة الحق من ربهم فأضلوهم عن اتباع داعي الحق من ربهم ولم يغنوا عنهم من الله شيئاً يوم القيامة وقال الله تعالى:
{وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعاً فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ} صدق الله العظيم [ابراهيم:21]
ومن ثم تراجعوا فيما بينهم عن السبب الرئيسي عن ضلال كبارئهم وضعفائهم عن اتباع الحق من ربهم فتبين لهم جميعاً أنه الاتباع الأعمى لأسلافهم وعدم المقارنة بين ما وجدوا عليه آباءهم وبين سلطان علم الداعية الحق من ربهم. وقال الله تعالى:
{وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6)إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (7) تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8)قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ(9)وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)} صدق الله العظيم [الملك]
إذاً فيا أحبتي في الله قد تبين لكم حجة الله عليكم لو ضللتم عن الصراط المستقيم أنه عدم التفكر بالعقل والمنطق في سلطان علم الداعية الجديد وسلطان علم أسلافكم.
وأشهدُكم وأُشهدُ الله وكفى بالله شهيداً.. أني الإمام المهدي ناصر محمد أُمرت أن أُحاجكم بسلطان العلم الحق من رب العالمين، وقد جعل الله شهدائي عليكم عقولكم كونكم لو تقومون بالمقارنة بين سلطان علم الإمام ناصر محمد اليماني وبين سلطان علم أسلافكم من الذين يقولون على الله مالا يعلمون لوجدتم أن عقولكم في ذات أنفسكم تشهدُ بيني وبينكم بالحق فتقول لكم أن الحق هو مع الإمام ناصر محمد اليماني لا شك ولا ريب. وأتحدى في هذه المسألة.. وإنا لصادقون. ولسوف أضرب لكم على ذلك مثل من تفاسير الذين يضلونكم بغير علم عن بيان قول الله تعالى:
{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(106)} صدق الله العظيم [البقرة]
وإلى تفاسير أكابر علمائكم من أسلافكم من الذين يقولون على الله مالا يعلمون إلا قليلاً.. كما يلي:
قال ابن أبي طلحة، عن ابن عباس: ( ما ننسخ من آية ) ما نبدل من آية.
وقال ابن جريج، عن مجاهد: ( ما ننسخ من آية ) أي: ما نمح من آية.
وقال ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ( ما ننسخ من آية ) قال: نثبت خطها ونبدل حكمها. حدث به عن أصحاب عبد الله بن مسعود .
وقال ابن أبي حاتم: وروي عن أبي العالية، ومحمد بن كعب القرظي، نحو ذلك.
وقال الضحاك: ( ما ننسخ من آية ) ما ننسك.
وقال عطاء: أما ( ما ننسخ ) فما نترك من القرآن.
وقال ابن أبي حاتم: يعني : ترك فلم ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
وقال السدي : ( ما ننسخ من آية ) نسخها: قبضها.
وقال ابن أبي حاتم: يعني: قبضها : رفعها، مثل قوله: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة . وقوله: " لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثا " .
..................................
ومن ثم نأتي لبيان الإمام المهدي ناصر محمد اليماني الذي لا يقول على الله بالظن الذي لا يغني من الحق شيئاً. قال الله تعالى:
{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(106)} صدق الله العظيم [البقرة] .وإلى البيان الحق:{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ} وحتى تعلمون البيان المقصود بقوله تعالى {نَنسَخْ} فلا بد لكم أولاً أن ترجعوا إلى لغتكم العربية الأصل كون المعنى المراد من لكلمة {نَنسَخْ} لا بد لكم أن تجدونها في لغتكم كون الكتاب لا بد أن يتنزل بلغة القوم الذي ينتمي إليهم النبي المرسل. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} صدق الله العظيم [ابراهيم:4]
وبما أن محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نبيٌ عربي فعليكم أولاً النظر إلى المعنى لكلمة {نَنسَخْ}. وحتماً سوف تجدون أن المعنى لكلمة {نَنسَخْ} في اللغة العربية لا يختلف عليها اثنين من أصحاب اللغة العربية الفصحى. أن المعنى: النسخُ، هو النسخ من شئ فيكون صورة له طبق الأصل. ولكن الإمام المهدي لا يعتمد في سلطان علمه أن يأتي به فقط من قاموس اللغة العربية، بل كذلك يأتيكم بالبرهان المبين من محكم كتاب الله القرآن العظيم، كون اللغة العربية كذلك ليست محفوظة من التحريف لولا أنها لغة القرآن العظيم. وبما أن القرآن محفوظ من التحريف ولذلك تم حفظ قاموس اللغة العربية من التحريف كونه قرآن عربي مُبين. فإذا كان فعلاً المعنى المراد من كلمة {نَنسَخْ} أي ننسخ من شئ صورة له طبق الأصل فكذلك لا بد أن نجد ذلك المعنى هو كذلك المقصود في القرآن العظيم.
والسؤال الذي يطرح نفسه فمن أين تم نسخ القرآن العظيم بأمر الله على لسان رسوله جبريل إلى محمد رسول الله إلى الناس كافة؟ والجواب تجدونه في محكم الكتاب في قول الله تعالى: {﴿٢٠﴾ بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ ﴿٢١﴾ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ﴿٢٢﴾} صدق الله العظيم [البروج]
وسؤال آخر فأين يوجد هذا اللوح المحفوظ الذي يُعتبر الكتاب الأم الذي تم نسخ القرآن العظيم منه؟ وتجدون الجواب في محكم الكتاب في قول الله تعالى:
{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴿٣﴾ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴿٤﴾} صدق الله العظيم [الزخرف]
وسؤال آخر فهل تم نسخه وتنزيله إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جُملة واحدة؟ والجواب في محكم الكتاب قال الله تعالى:
{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} صدق الله العظيم [الفرقان:32]
والمقصود هنا بالترتيل أي شيىء فشيىء ولم يتم نسخه وتنزيلة جملةً واحدة.
ونأتي الآن للبيان الحق لقول الله تعالى {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ}: أي ما ننسخ من آية من الكتاب الأم ليأتي بها جبريل إلى محمد رسول الله -صلى الله عليهم وسلم تسليماً- وتكون الآية صورةً طبقَ الأصل للآية في اللوح المحفوظ. وذلك هو البيان لقول الله تعالى {مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ} أي يتم نسخها من اللوح المحفوظ على لسان جبريل إلى محمد رسول الله صلى الله عليهم وسلم.
ونأتي لقول الله تعالى {أَوْ نُنسِهَا}: أي نؤخرها. بمعنى أنه يؤخر الآية المحكمة إلى أجل قريب، فتنزل الآية تحمل حكماً مؤقتاً قابلاً للبدل حين يشاء الله.
ومن ثم نأتي لبيان قول الله تعالى {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا} صدق الله العظيم: وهذا النوع من الآيات دائما يأتي بدلاً لآية قبْلها في قلْبِ وذات الموضوع، فتقوم بتبديل حكم الآية التي من قبلها ويبقى لفظ الآية في الكتاب، ولا يؤخذ بحكمها بل نأخذ بحكم الآية البدل عنها. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(101)} صدق الله العظيم [النحل]
ودائماً الآياتُ البدل تأتي لتغيير حكم الآية التي تنزلت من قبلها في ذات الموضوع،
غير أن الحكم في الآية الجديدة البدل يكون من أخف إلى أثقل. مثال قول الله تعالى:
{يَا أَيهَا الذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ} صدق الله العظيم [النساء:43]
ومن ثم جاءت آية البدل بتحريمه واجتناب صنعه وشربه كما يجتنبون عبادة الطاغوت.
والاجتناب من أكبر أنواع التحريم في الكتاب تصديقاً لقول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأنْصَابُ وَالأزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)}
صدق الله العظيم [المائدة]
ولربما يود أحد الذين يقولون على الله مالا يعلمون أن يقاطعني فيقول:
إنما قال فاجتنبوه والاجتناب لا يقصد به التحريم.
ومن ثم يرد عليه الإمام المهدي ناصر محمد اليماني وأقول:
فما ظنك بمن يعبد الأصنام والطاغوت فهل ذلك محرمٌ على المؤمنين؟
ومعلوم جوابه فسوف يقول:
بل ذلك شرك وهو من أعظم الظلم في الكتاب للنفس، بل أشد حرمة في الكتاب الشرك بالله.
ومن ثم يقول له الإمام ناصر محمد:
ولكنك يارجل قد نفيت حرمة الشرك بالله بنفيك أن الاجتناب لا يقصد به التحريم المطلق! ومن ثم نقول لك يامن تقول على الله مالم تعلم إن الاجتناب لهو من أشد أنواع التحريم في الكتاب. ولذلك قال الله تعالى:
{وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى} صدق الله العظيم [الزمر:17]
أفلا ترى أن الاجتناب هو التحريم الأعظم في محكم الكتاب؟ فاتقوا الله يا أولوا الألباب...
والآيات التي تم تبديل حكمها في آية جديدة فهو يبقى لفظ الحكم للآية الأولى ولا يؤخذ به شيئاً. بل يتم تطبيق الحكم البدل مكان الحكم الأول وتسمى الآيات التي تم تبديلها بالآيات المُبدلات. وأما الآية التي جاءت بدل عنها فتسمى في الكتاب آيات البدل ويصح تسميتهن جميعاً بالبَدل والمُبدل بدلاً عن تسميتكم لهن بالناسخ والمنسوخ الذي ما أنزل الله بهذا الإسم من سلطان. كون النسخ هو من اللوح المحفوظ صورة طبق الأصل.. أفلا تتفكرون؟
ومن ثم نأتي للبيان الحق لقول الله تعالى {أَوْ مِثْلِهَا} صدق الله العظيم: وهنا يتم تنزيل حكم جديد للآية السابقة في قلب وذات الموضوع غير أن الحكم الجديد لا يكون بدلاً للحكم الأول بل يضيف الله في ذلك الموضوع حُكماً آخر للتخفيف ليصبح حكمين اثنين للتخفيف. وتلك الأحكام دائماً تأتي من أثقل إلى أخف وهي من أغلب الآيات المحكمات كونها جاءت للتخفيف فقط وليس للتبديل. كمثل قول الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} صدق الله العظيم [الأنفال:65]
ومن ثم تم تنزيل حكم إضافي في الآية من باب التخفيف بسبب ضعف اليقين لدى قوم آخرين. وقال الله تعالى:
{الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ْ} صدق الله العظيم [الأنفال:66]
وكما قلنا: إن الآيات الإضافية إلى آيات أخرى في قلب وذات الموضوع دائماً تحمل حكماً جديداً إضافياً للتخفيف، ودائماً تأتي من أثقل إلى أخف في الكتاب. مثال قول الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} صدق الله العظيم [المجادلة:12]
ومن ثم تجدون آية أخرى تنزلت بحكم إضافي في قول الله تعالى:
{أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} صدق الله العظيم [المجادلة:13]
فهل وجدتم أن الآية الثانية جاءت لنفي حكم الآية الأولى بل جاءت بحكم آخر فيجعل للآية حكمين اثنين للتخفيف، فيؤخذ بأحدهما ويختلفان في الأجر. وذلك هو البيان الحق لقول الله تعالى {أَوْ مِثْلِهَا} صدق الله العظيم. أي أنه يأتي بآية في قلب وذات الموضوع ولكنها تحمل حكماً أخف من حكم الآية الأولى، غير أن هذه الآية ذات الحكم الأخف لم تأتي بدل بل بحكم إضافي للتخفيف، فيؤخذ بأحد الحكمين الاثنين للآيتين، وذلك هو البيان الحق لقول الله تعالى {أَوْ مِثْلِهَا} صدق الله العظيم.
ويا هيئة علماء المملكة العربية السعودية لقد عجبت من هذا البيان عن الناسخ والمنسوخ لديكم!! فقد نفيتم آيات محكمات من آيات أم الكتاب وأنتم لا تعلمون.
وعلى سبيل المثال لو أن أحدكم كان في البحر أو البر في مكان خلاء فأدركه وقت الصلاة ثم توضأ وأراد الصلاة ولكنه لا يعلم أين اتجاه القبلة بالضبط، فلا يعلم هل المسجد الحرام هو إلى الشرق منه أم إلى الغرب منه فما الحكم في ذلك؟ فهل حكم الله عليه أن يصلي شرقاً أم غربا بأي اتجاه فلا تثريب عليه مادام لم يعلم أين اتجاه القبلة؟ أم أن الله حكم عليه أن لا يصلي حتى يعلم أين اتجاه شطر المسجد الحرام؟ ومن ثم ننظر لحكم الله بالحق في هذه المسألة ومن ثم نجد حكم الله المحكم في انتظارنا في محكم الكتاب في قول الله تعالى:
{وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(115)} صدق الله العظيم [البقرة]
ولكني أرى في مُجمَّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف وبيان الناسخ والمنسوخ أنكم تقولون أن الآية في قول الله تعالى {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(115)} صدق الله العظيم. أنه قد تم نسخها بقول الله تعالى:
{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} صدق الله العظيم [البقرة:144]
ولكني الإمام المهدي أفتي بالحق أن هاتين الآيتين من آيات أم الكتاب المحكمات البينات ويأخذ بأحدهم في حالة عدم القدرة على معرفة القبلة. غير اني أفتي بالحق أن الآية في قول الله تعالى {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} صدق الله العظيم. قد جاءت بدل لتبديل القبلة من شطر المسجد الأقصى إلى شطر المسجد الحرام تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143)} صدق الله العظيم [البقرة]
الامام ناصر محمد اليماني
المهدي المنتظر
https://albushra-islamia.com/showthread.php?t=3960