ولربما يود أن يقاطعني أحد السائلين الذين لا يحبّون آل سعود فيقول:
"يا ناصر محمد اليماني، ولماذا هذه التعزية الكبرى لسلطان بن عبد العزيز آل سعود؟"
ومن ثم يرد عليه الإمام المهدي ناصر محمد اليماني وأقول:
ياحبيبي في الله، إنما ذلك تنفيذا لأمر الله في محكم كتابه:
{هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} صدق الله العظيم [الرحمن:60]
فقد أحسن المرحوم الأمير سلطان بن عبد العزيز إلى والد الإمام المهدي وجعل له مرتباً - ثمانية آلاف ريال سعودي شهرياً - تسوية بأمثاله من مشايخ القبائل اليمينة، وأنفق علي أبي من ذلك الراتب ولم أزل صغير السن ولم أبلغ رشدي في ذلك الزمن، واستمر ذلك الراتب إلى عام (1992) عام وفاة والدي، ورجوت من ربي بحق لا إله إلا هو وبحق رحمته التي كتب على نفسه وبحق عظيم نعيم رضوان نفسه أن يتقبل من عبده سلطان بن عبد العزيز كافة نفقاتِ قربه إلى ربه، وما كان يريد من مشايخ اليمن جزاءً ولا شكوراً، وما قط طلب منهم عملاً مقابل الرواتب التي اعتمدها لكثير من مشايخ اليمن، فما ظنكم بذلك الرجل الكريم يامعشر المسلمين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى أخية الملك فهد بن عبد العزيز وأبيهم وكافة أموات آل عبد العزيز آل سعود أولياء المسجد الحرام؟
ورجوت من ربي أن يهدي قلوبهم أجمعين إلى الحق من ربهم، وأن يغفر لكافة أموات المسلمين وكافة أموات الجن والإنس أجمعين، ويغفر ويعفو عن كافة الأموات النادمين على ما فرّطوا في جنب ربهم، ويلهمهم أن يسألوه برحمته التي كتب على نفسه، إن ربي غفور رحيم.
ويا أحبتي في الله كافة الشعب العربي السعودي، إنكم في نعمة وأنتم لا تعلمون أنكم في نعمة، فمنكم من ينقم على الأسرة الحاكمة من آل سعود، ولكن الظلم على الإنسان هو الأقل في بلاد الحرمين الشريفين بالمقارنة مع الظلم في شعوب البشر أجمعين، فاتقوا الله..
وأقسم برب العالمين لا أقول لكم هذا طلباً لرضوان السلطة الحاكمة من آل سعود، فلم يجعل الله الإمام المهدي بآسف رضوانهم أجمعين، ولا بآسف رضوان علي عبد الله صالح، ولا بآسف رضوان كافة قادات البشر، كوني المهدي المنتظر مستغنٍ برضوان الله مالك الملك يؤتي ملكة من يشاء. تصديقاً لقول الله تعالى:
{أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ ﴿٢٤﴾ فَلِلَّـهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [النجم]
ويتمنى الإمام المهدي تحقيق رضوان الله في نفسه بهدي الأمة أجمعين، ومن ثم سوف يؤتيه الله ملكوت الدنيا والآخرة. تصديقاً لقول الله تعالى:
{أَمْ لِلْإِنسَانِ مَا تَمَنَّىٰ ﴿٢٤﴾ فَلِلَّـهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَىٰ ﴿٢٥﴾} صدق الله العظيم [النجم]
ولن أرضى حتى يُحَقِقَ الله لعبده النعيم الأعظم من ملكوت الدنيا والآخرة ((فيرضـــى في نفسه))، ولم يعد متحسراً ولا حزيناً على عباده الذين ظلموا أنفسهم.
ويامعشر البشر جميعاً، إنّ كل واحدٍ منكم ليس إلا جُزء من هدف الإمام المهدي رحمة من الله عليكم، ألا والله الذي لا إله غيره أن المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني لحريصٌ على هداكم أجمعين، ويتمنى أن يهديكم الله أجمعين، فيجعلكم أمة واحدة على صراطٍ مستقيم، إن ربي على كل شيء قدير. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} صدق الله العظيم [يونس:99]
ولكني أقسم برب العالمين ما كان هدفي من هداكم لِيَسْكُنَ تحسري عليكم فتذهب من نفسي، كلا ورب العالمين! بل لكي يذهب التحسر والحزن من نفس من هو أرحم بعباده من عبده، الله أرحم الراحمين، ربي وربكم فاعبدوه وحده لا شريك له، هذا صراط مستقيم لمن شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا.
ولربما يود أن يذهب أحد السائلين إلى أحد من علماء الأمة فيقول:
"يافضيلة الشيخ، إن المدعو ناصر محمد اليماني الذي يزعم أنه المهدي المنتظر نجده يستغفر لكافة أموات الكافرين من الجن والإنس، فهل ترى أنه يجوز له ذلك، فهو يحاج الناس من القرآن العظيم؟"
ومن ثم يقول ذلك العالم: "
بل سوف نقيم عليه الحجة من القرآن العظيم بآية محكمة بينه في قول الله تعالى:
{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴿١١٣﴾ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّـهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴿١١٤﴾} صدق الله العظيم [التوبة]
ومن ثم يزعم السائل أن هذا العالم قد أقام على الإمام ناصر محمد اليماني الحجة من كتاب الله القرآن العظيم، ومن ثم يتولى هذا السائل وهو كظيم.. حزين، كونه قد ظن بادئ الأمر أن ناصر محمد اليماني هو المهدي المنتظر إلى أن سَمِع من العالم الإجابة من القرآن. ومن ثم يقول: "إذا ناصر محمد اليماني على ضلال، كونه يستغفر لأموات المسلمين والكافرين، و فضيلة الشيخ قد أقام عليه الحجة بآية محكمة في قول الله تعالى:
{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴿١١٣﴾ وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِّلَّـهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ۚ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴿١١٤﴾} صدق الله العظيم [التوبة]
ولربما يهجر السائل موقع المهدي المنتظر ناصر محمد اليماني فيتولى عنه ولم يعقب.
ومن ثم يرد على السائل والمسؤول المهدي المنتظر صاحب علم الكتاب بالقول الصواب ذكرى لأولي الألباب، وأقول: "
يا أيها السائل والمسؤول، إنما نهى الله أنبياءه ورسله أن يستغفروا للكافرين ما داموا مصرين على كفرهم ومحاربتهم لدين ربهم، فلن يغفر الله لهم مهما استغفرتم لهم، كونهم لا يزالون مصرين على كفرهم إلا أن يقول أحدهم أعطني مهلة لأتفكر في دعوتك كمثل آزر أبا إبراهيم، وعده أبوه كَذِباً أن يتفكر في دعوته ليس إلا ليصرفه عنه، كونه أزعجه لكثرة ما توسل إليه من أجل أن يتبع الحق من ربه حرصاً على هدي أبيه رحمة به.
وجثم رسول الله إبراهيم بين يدي أبيه يحاول هدايته وقال له أبوه:
"اهجرني ملياً" وهدده وتوعده أبوه، ولكنه نظر إلى ابنه إبراهيم يبكي على أبيه حين أَبَى الهدى، فلما رآه أبوه يبكي ظنّ أن ابنه إبراهيم يحاول أن يستعطف أبيه ليهتدي إلى الحق، ومن ثم قال له أبوه:
"اهجرني ملياً بعض الوقت، وسوف أتفكر في دعوتك، وأرد لك الجواب"
ولكن ذلك ليس إلا ليصرفه عن احراجه وازعاجه له بالدعوة إلى الحق. وقال الله تعالى:
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا ﴿٤١﴾ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا ﴿٤٢﴾ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا ﴿٤٣﴾ يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ عَصِيًّا ﴿٤٤﴾ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَـٰنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا ﴿٤٥﴾ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ ۖ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ ۖ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ﴿٤٦﴾ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ ۖ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ۖ إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا ﴿٤٧﴾}
صدق الله العظيم [مريم]
ولكن آزر لم يتفكر بشيء في دعوة ابنه إبراهيم، ورجع نبي الله إبراهيم لأبيه ليسمع منه الرد، وإذا هو لا يزال يتوعده ويتهدده فإن لم ينتهي عن ذكر آلتهم بالسوء ليرجمنّه، ومن ثم تبين لخليل الله إبراهيم أن أباه من أعداء الله من الذين يريدون أن يطفئوا نور الله ويمنعوا الدعوة إلى عبادة ربهم وحده لا شريك له، ومن ثم تبرأ خليل الله إبراهيم من أبيه آزر ومن كان على شاكلته من الذين يحاربون الله ويريدون أن يطفئوا نور الله، كون آزر والذين معه لم يكتفوا فقط بالكفر بدعوة رسول الله إبراهيم بل لا يزال يحّذر آزر ابنه إبراهيم لئن لم ينتهي عن الدعوة إلى عبادة الله وحده لا شريك بأنه سوف يرجمه. وقال الله تعالى:
{وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} صدق الله العظيم [التوبة:114]
كون نبي الله إبراهيم ليعلم أنه لا يجوز الاستغفار لكافر يُصِرُّ على كفره وحربه لدعوة الحق من ربه. وقال الله تعالى:
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}
صدق الله العظيم [الممتحنة:4]
ولكنه يجوز الإستغفار للكفار في حالة واحدة وهو حين يكونون نادمين على كفرهم ومتحسرين على ما فرّطوا في جَنْبِ ربهم فيقول أحدهم:
{وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴿٥٥﴾ أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَىٰ عَلَىٰ مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّـهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴿٥٦﴾أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّـهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴿٥٧﴾ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴿٥٨﴾} صدق الله العظيم [الزمر]
ولربما يود أن يقاطعني أحد أحباب قلب المهدي المنتظر من الأنصار السابقين الأخيار في عصر الحوار من قبل الظهور، فيقول: "
يا إمامي المهدي إلى الحق، فهل استغفَرَ خليل الله إبراهيم لأبيه من بعد موته، كونه ليعلم أن أباه من بعد موته قد أصبح من النادمين لا شك ولا ريب، كون الله أهلكه وهو لا يزال على ضلال مبين؟"
ومن ثم نرد عليه ونقول:
اللهم نعم إني أجد ذلك في دعاء رسول الله إبراهيم صلى الله عليه وآله وسلم تسليماً.
تصديقاً لقول الله تعالى في دعاء خليله إبراهيم وهو يناجي ربه ويقول:
{الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ ﴿٧٨﴾ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ ﴿٧٩﴾ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ﴿٨٠﴾ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ ﴿٨١﴾ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴿٨٢﴾ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴿٨٣﴾وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ﴿٨٤﴾ وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ﴿٨٥﴾ وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ﴿٨٦﴾ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ﴿٨٧﴾ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿٨٨﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴿٨٩﴾} صدق الله العظيم [الشعراء]
ومن ثم نستنبط الحكم بالحق أنه يجوز للمؤمن أن يستغفر لأبيه من بعد موته ولو كان أبوه من الكافرين، كونه بعد موته قد صار من النادمين المتحسرين على ما فرطوا في جنب ربهم، عسى الله أن يغفر لهم إن يشاء، إن ربي غفوراً رحيماً.
ولكن ياقوم إني أجد أن الله لن يجيب دعوتكم بالاستغفار لأصحاب النار، كما أجد أن الله لم يجب دعاء خليله إبراهيم بالاستغفار لأبيه، وسبب عدم الإجابة هو أن الله نظر إلى قلب خليله إبراهيم فإذا هو يريد أن يغفر الله لأبيه، وذلك من شدة الرحمة في قلب الابن نحو الأب المعذب، ولكن الإمام المهدي ليستغفر لأموات المسلمين والكافرين أجمعين وليس رحمة مني بهم أو من شدة حسرتي عليهم كما يتحسر خليل الله إبراهيم على أبيه، ولم يستغفر لسواه من الكافرين، وإنما دفعه لذلك من شدة الرحمة في قلبه بأبيه المعذب في نار الجحيم، كونه كان من الضالين، وظن أنه لربما سينفعه الاستغفار ولذلك يستغفر لأبيه، كونه كان من الضالين في حياته قبل مماته، برغم أنه ليعلم أنه لا يغني عن أبيه شيء من ربه. تصديقاً لقول الله تعالى:
{وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ﴿٨٦﴾ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ﴿٨٧﴾ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴿٨٨﴾ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّـهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴿٨٩﴾} صدق الله العظيم [الشعراء]
ولكني لم أجد في محكم كتاب الله أن الله أجاب دعاء خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام أن يغفر لأبيه، كما لم يجب دعاء نوح لابنه بالتبني، حين أراد أن يشفع لابنه من عذاب الله، وكان رد الله على رسوله نوح عليه الصلاة والسلام فيه شيء من القسوة. وقال الله تعالى:
{قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ۖ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ۖ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۖ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴿٤٦﴾ قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ ۖ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٤٧﴾} صدق الله العظيم [هود]
ولربما يود أن يقاطعني أحد السائلين فيقول: "
يا أيها الإمام ناصر محمد اليماني، أفلا تفتينا ما هو الخطأ الذي ارتكبه رسول الله نوح عليه الصلاة والسلام؟"
ومن ثم نرد على السائلين بالحق، ونقول:
"ألم تجدوا رسول الله إبراهيم كان يريد من ربه أن يغفر لأبيه الكافر وكذلك رسول الله نوح كان يريد من ربه أن يغفر لابنه الكافر، فأنستهم رحمتهم بأقربائهم وتحسرهم عليهم عن التفكر بحال من هو أشد حسرة عليهم منهم، الله أرحم الراحمين.
ولذلك لم يجب الله دعاءهم أن يغفر لأقربائهم، ألا والله لو علموا بحسرة ربهم على عباده الظالمين لأنفسهم إذا لما حرصوا فقط على أن يغفر لأقربائهم برغم كفرهم، بل سوف يحرصون على أن يغفر الله لكافة الضالين من عبادة أجمعين.
ويا عباد الله المسلمين، إني الإمام المهدي أفتيكم بالحق أن تستغفروا لأموات المسلمين والكفار الليل والنهار، كون الذي هو أرحم بهم منكم لهو أشد حسرة عليهم من حسرة نوح على ولده ومن حسرة إبراهيم على أبيه.. الله أرحم الراحمين.
ولربما تود أن تقاطع المهدي المنتظر احدى أخواتي أمهات المؤمنين فتقول:
"يا إمامي فهل الله سبحانه وتعالى متحسر على عباده الذين ظلموا أنفسهم من الأمم الأولى؟"
ومن ثم يرد عليها المهدي المنتظر وأقول:
فلو أن ابنك عصاك ألف سنة ومن ثم مات وهو على ذلك فرأيتِه يصطرخ في نار جهنم من شدة حريق جهنم، فتصوري حسرتك يا أمة الله على ولدك، حتى إذا علمتي بحالك ومن ثم تقولين: يا رب إذا كان هذا هو حالي فكيف بحال من هو أشد حسرة مني على ولدي.. الله أرحم الراحمين؟ كون الله لا يزال متحسر على عباده الذين ظلموا أنفسهم وكفروا برسل ربهم في الأمم الأولى، فأهلكهم الله بسبب كفرهم من بعد دعاء أنبيائهم عليهم، فأجابهم تصديقاً لوعده لرسله بالحق، ولكن برغم أن الله لم يظلمهم شيء فلم يهنوا في نفس ربهم، بل ستجدونه في الكتاب أنه متحسر عليهم وحزين الليل والنهار بعد أن ذهب غيظ الله عليهم في نفسه من بعد الانتقام حتى إذا ذاقوا وبال أمرهم وعلم الله بأنهم نادمون أشد الندم على مافرطوا في جنب ربهم، ومن ثم حلت الحسرة عليهم في نفس الله بسبب صفة الرحمة في نفسه أنه أرحم الراحمين.
ولربما يود أن يقاطعني أحد الذين لم يقدّروا ربهم حق قدره ويقول:
"يا ناصر محمد اليماني أعندك سلطان بهذا في محكم الكتاب أن الله يتحسر على عباده الكافرين برسل ربهم من بعد
أن انتقم الله منهم فأصبحوا نادمين؟"
ومن ثم نرد عليه بالحق وأقول:
يا حبيبي في الله تعالى، أولا نطرح سؤالك هذا على العقل والمنطق، وننظر أولا جواب العقل والمنطق من قبل أن ننظر الجواب في محكم الكتاب، ومن ثم ننظر هل يتطابق فتوى العقل والمنطق مع فتوى الرحمن في محكم القرآن؟
وإليك أولا سؤالي بالحق فمن هو أرحم من جميع الرحماء في عبيد الله؟
ومعلوم جواب السائل المؤمن فسوف يقول: الله أرحم الراحمين فلا ينبغي أن يكون هناك شيء هو أرحم بعباده من الله أرحم الراحمين
. ومن ثم نقول: إذا فلا بد أنه حزين ومتحسر على عباده الذين ظلموا أنفسهم بسبب صفته سبحانه في نفسه (أرحم الراحمين)،
فهذا ما يقوله العقل والمنطق إذا كان الله هو حقاً أرحم الراحمين فلا بد من وجود الحسرة في نفس الله بسبب وجود صفة الرحمة في نفسه، فلا بد أن يكون حاله متحسراً وحزيناً على عباده الذين ظلموا أنفسهم وكفروا برسل ربهم فدعوا عليهم فأجاب الله دعاء رسله والمؤمنين معهم فأهلك عدوهم وأورثهم الأرض من بعدهم.
ولربما يود أن يقاطعني آخر فيقول: "
يا ناصر محمد أجب على السائل بالحق من محكم الكتاب ذكرى لأولي الألباب، فالسؤال واضح وفصيح، فهل الله سبحانه متحسر في نفسه على الذين أهلكهم الله وكانوا كافرين من الأمم الاولى؟"
ومن ثم يرد عليه الإمام المهدي وأقول:
ألم تقتنع بإجابة العقل والمنطق فكذلك سوف تجد في محكم كتاب الله نفس فتوى العقل والمنطق أن الله متحسر على عباده الذين أهلكهم الله وكانوا كافرين. تصديقا لقول الله تعالى:
{إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ ﴿٢٩﴾ يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس]
إذا يا أحبتي في الله، فما الفائدة من جنات النعيم والحور العين وقد علمتم بحال حبيبكم الله أرحم الراحمين أنه متحسر وحزين على عباده الذين أهلكهم وكانوا كافرين؟ ثم يقول في نفسه شيء لم تشعر به ملائكته المقربون عنده، يقول في نفسه:
{يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ۚ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿٣٠﴾ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴿٣١﴾ وَإِن كُلٌّ لَّمَّا جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴿٣٢﴾} صدق الله العظيم [يس]
وعليه يامعشر الأنصار فاستغفروا لكافة أموات المسلمين والأموات من الكافرين، ولا تستغفروا لأحياء الكافرين، كون الندم على مافرطوا في جنب ربهم لم يحدث بعد في قلوبهم، فكيف تستغفرون لهم وهم لا يزالون مصرين على كفرهم وعنادهم؟ ولكن يحق لكم أن تسألوا لهم الهدى من ربهم حتى يغفر لهم من بعد الهدى، وأما أن يغفر لهم وهم لا يزالون مصرين على ما يفعلون من حرب الله وأولياءه فلن يغفر الله لهم، فلن يغفر الله لمُصرٍ على ذنبه، وإنما يغفر الله لمن أصبح نادم على ما فعل.
وعليه فإني الإمام المهدي أتوسل إلى ربي بحق لا إله إلا هو، وبحق رحمته التي كتب على نفسه، وبحق عظيم نعيم رضوان نفسه، أن يغفر لكافة أموات المسلمين وأموات الكافرين، إن ربي وسع كل شيء رحمة وعلماً، إنه هو الغفور الرحيم، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين..
أخو البشر في الدم من حواء وآدم المهدي المنتظر الإمام ناصر محمد اليماني.