السلام على إمامي الحبيب و قرّة عيني و إخوتي الأنصار السابقين الأخيار، سأحاول أن أثبت بإذن الله أنّ نبيّ الله ذو القرنين هو داوود بن إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام كما أشرت في مسابقتي السابقة و ما جعلني أتبنّى هذا الأمر هو لأنّي وجدت نبيّ الله داوود المشار إليه في قوله تعالى:إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا.قد آتاه الله زبورا و الزّبور هو الكاتب الذي أُنزل على نبيّ الله داوود عليه السلام فلو كان نبيّ الله داوود هذا هو بذاته نبيّ الله داوود في قصة طالوت عليه السلام لكان متّبِعا للتوراة التي أنزلت على موسى عليه السلام لأنّه لا يوجد انقطاع ما بين داوود في قصة طالوت و نبيّ الله موسى إذ لماّ هلك موسى خلفه أخوه هارون في قومه ثمّ اصطفى الله طالوت خليفة عليهم و هارون بين ظهرانيهم و من ثَمَّ قتل طالوت و اصطفى الله من بعده داوود فكلّهم كانوا متتالين في الخلافة و فيهم كتاب الله التوراة يحكمون بها في الله و هذه آية أخرى تفيد أنّ التوراة قد حكم بها نبيّون كثيرون من بني إسرائيل؛ قال تعالى:وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ ۖ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ.
انظروا إخوتي لقوله تعالى:وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ. لقد كان بعد موسى عليه السلام رسل و نبيّون كثيرون يحكمون بكتاب الله التوراة و الأدلّة في هذا في القرآن كثيرة، إذا داوود المشار إليه في قصة طالوت هو نبيّ من أنبياء بني إسرائيل من بعد موسى فالمنطق و المعقول يقول أنه حكم فيهم بالتوراة.
ثمّ إنّ نبيّ الله داوود نبيّ بني إسرائيل قد لاقى من قومه ما لاقاه أنبياء بني إسرائيل من موسى إلى عيسى عليهم السلام من تكذيب أو تقتيل كما قال الله تعالى:أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَىٰ أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ.فلعنهم على لسانه؛ قال تعالى:لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ.
و لكنّ الله تعالى يتكلّم في هذه الآية عن نبيّ آخر اسمه داوود و أتاه الله زبورا؛قال تعالى:إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَىٰ نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَىٰ وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا.
إخوتي الزبور هو كتاب الله لنبيّ الله داوود عليه السلام نبيّ خلاف نبيّ الله داوود الذي هو من ذرية بني إسرائيل.
إخوتي كيف ينزل الله كتابا آخر اسمه الزّبور و كتاب الله التوراة مازال قائما يحكم به النبيّون من بعد موسى؛قال تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ.
انظروا لقوله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ.
النبيّون في صيغة الجمع وليست نبياّ واحدا و نبيّين اثنين إنّما أنبياء كثر فهل من المعقول و المنطق أن ينزل الله كتابين اثنين يحكم بهما النبيّون في الناّس إذا سلّمنا جدلا أنّ داوود الذي أوتي زبورا هو بذاته داوود الذي في قصة طالوت، بالطبع إخوتي لا لأنّ الله تعالى قال: إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ.
إذا فالزبور كتاب الله أنزله على نبيّ إسمه داوود خلاف داوود بني إسرائيل و ما زال لديّ إثباتات أنّ داوود الذي أتي زابورا هو نبيّ الله ذو القرنين.
و لو قرأ حبيبي في الله إمامي وقرّة عيني مشاركتي الأولى رقم 79 بتاريخ 10/10/2013 و كنت قد أشرت فيها أنّ نبيّ الله ذو القرنين هو من بني إسماعيل و قال لي أنّك أصبت الحقّ لزدت في تدبّري و لم أكن لأذهب في تدبّري إلى نبيّ الله عزير أو نبيّ من ذرية يعقوب بن إسحاق و لكن بيان الإمام الذي قال فيه أنّ أحدا لم يهتدي إلى الجواب الحقّ جعلني أعزف عن رأيي في أنّ ذو القرنين هو من ذرية إسماعيل.
لا ضير إمامي الحبيب و إخوتي الأعزّة فالبحث عن حقيقة ذو القرنين قد أخذ حيّزا كبيرا في المنتدى و الإمام عليه السلام يتطلّب منه وقتا لكي يقرأ كلّ المشاركات وقد وعدنا بذلك.
نعود لموضوع نبيّ الله ذو القرنين عليه السلام و كما قلت هو داوود بن إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام و وضعت بين يديكم ما اهتديت إليه و أسّست برهاني و حجّتي على أنّ نبيّ الله داوود قد آتاه الله زبورا وهو خلاف نبيّ الله داوود من بني إسرائيل و عندما بحثت عن كلمة الزبور في القرآن بصيغة الفرد وجدت قوله تعالى:وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ.
فلقد وعد الله في كتاب نبيّ الله داوود الزّبور كما وعد في القرآن أنّ الأرض يرثها عباد الله الصالحون؛قال تعالى: وعد اللّه الذين آمكنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم.
و قال تعالى:إن الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
لقد وعد الله أنّ الأرض من بعده سيرثها عباد الله الصالحين المتّقين.فقال تعالى: وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا.
إنّ داوود عليه السلام قد آتاه الله ملكا عظيما و آتاه من كلّ شيء؛قال تعالى:وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ.
أجلا إخوتي ملكا وعد الله به تعالى آل إبراهيم و آتاهم إياّه؛ قال تعالى:أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا.
لو تدبّرنا إخوتي في الله قصّة نبيّ الله داوود الذي أوتي زبورا في القرآن هو بذاته نبيّ الله ذو القرنين:
قال تعالى ساردا قصّة نبيّ الله داوود في سورة ص:اصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ (17) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ (18) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً ۖ كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (19) وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ.داوود عليه السلام كان ذا ملك عظيم و كثير الإنابة و العودة إلى الله في كلّ أموره و آتاه الله على ذلك الحكمة و فصل الخطاب.
حسنا داوود عليه السلام أوتي من كلّ شيء،صاحب ملك عظيم، كثير الإنابة إلى الله وآتاه الله الحكمة و فصل الخطاب.لننظر سويّا لنبيّ الله ذو القرنين و لننظر لقصّته في القرآن:يَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا(84)إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا. إذا لقد كان صاحب ملك و أوتي من كلّ شيء.
ثمّ خرج في رحلته الجهادية و عندما بلغ مغرب الشمس وجد قوما فقال لهم: حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا(87)قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا(88)وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا.
ثمّ لماّ بلغ بين السّدين و طلبوا منه أن يبني لهم سدّا على أن يجعلوا له خرجا قال:حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا(94)قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا(95)قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا.
انظروا إخوتي لقول الله تعالى:قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ. أليست هذه الإنابة المطلقة و الخالصة لله و ارجعوا لقوله:قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا(88)وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا. أليست هذه الحكمة و فصل الخطاب.
ما أشدّ شبه قصة داوود عليه السلام بنبيّ الله ذو القرنين عليه السلام؛أليس داوود بن إسماعيل بن إبراهيم الذي آتاه الله ملكا عظيما هو بذاته ذو القرنين؟
إليكم إخوتي أدلّة أخرى:
لماّ بنى ذو القرنين السدّ إستعمل صناعة الحديد و القطر؛ قال تعالى:آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا. و بناء سدّ حديديّ ثمّ إذابة و مزج القطر به يتطلّب مهارة و حرفة عالية في تليين الحديد و مزجه بالقطر و لم أجد في القرآن إلاّ آل داوود قد آتاهم الله هذا السرّ و هذه الصنعة و الحرفة في التعامل بالمعادن؛ قال تعالى:وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ(11)أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(12)وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ(13)يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاء مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ.
سبحان الله ألان الله لداوود الْحَدِيدَ و آتى آل داوود من كلّ شيء لذلك قال الله تعالى:وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ.
إخوتي داوود عليه السلام خاطبه الله خطابا بليغا بعد قصة الخصمين الذين تسوّروا المحراب؛ قال تعالى:
يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ.
أجل هذا خطاب الله لخليفته داوود الذي مكّنه في الأرض كلّها و قال له إياّك و الهوى وقد بيّن لنا إمامنا الكريم الحبيب لماذا الله عاتبه في هذه الآية و لماذا تسوّرا الخصمين المحراب عندما كان داوود يصلّي لربّه ذلك لأنّه حكم بالظنّ في قصّة الأخوين الذين اختصما بين يديه في قصة الحرث و الغنم؛ قال تعالى:وداوود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ( 78 ) ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما.
إ خوتي الأعزّة حكم الله في الأرض يتطلّب رسوخا في علم الكتاب و حكمة وفصل الخطاب و تسخير الأسباب و هذا كلّه كان لداوود عليه السلام و كان أيضا لنبيّ الله ذو القرنين.
لذلك قلت أنّ ذو القرنين هو بذاته نبيّ الله داوود عليه السلام صاحب كتاب الله الزبور و أب سليمان عليه السلام وريث ملك أبيه من بعده و لا أحد ورث من بعد سليمان ملكه؛قال تعالى: قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي ۖ إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ.
حسنا إخوتي الأحبّة هناك أمور لابدّ أن نتباحث فيها في شأن نبيّ الله داوود الذي أوتي زبورا و ابنه سليمان عليهم السلام فإنّي لم أجد و لو إشارة واحدة تشير أنهم من أنبياء بني إسرائيل و لا إشارة واحدة ثمّ إنّ الله قد آتاهم ملكا عظيما و علما كبيرا و علّمهم صناعة الحديد و القطر و سخّر معهم الجبال و الطيور و الجانّ و سخّر لهم الشياطين يعملون بأمرهم،أجل سخّر لهم أمورا خارقة و علوما اهتدى إليها الإنسان حديثا.
و تدبّروا إن شئتم قصص داوود و سليمان في القرآن لقد كان في قصصهم عبرة و آية للناّس وقد ألّف شياطين البشر و الجانّ عليهم قصصا ليفتري عليهم الناّس و قد نبّأنا الله ببعضها فقال:
وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ.
أمّا عن داوود عليه السلام فاسمعوا تفاسير العلماء في قوله تعالى مستندين بفتواهم على قصص باطلة:
وقد روى المفسرون أن داود عليه السلام نكح مائة امرأة ، وهذا نص القرآن . وروي أن سليمان كانت له ثلاثمائة امرأة وسبعمائة جارية ، وربك أعلم . وذكر الكيا الطبري في أحكامه في قول الله عز وجل : " وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب " الآية : ذكر المحققون الذي يرون تنزيه الأنبياء عليهم السماء عن الكبائر ، أن داود عليه السلام كان قد أقدم على خطبة امرأة قد خطبها غيره ، يقال : هو أوريا ، فمال القوم إلى تزويجها من داود راغبين فيه ، وزاهدين في الخاطب الأول ، ولم يكن بذلك داود عارفاً ، وقد كان يمكنه أن يعرف ذلك فيعدل عن هذه الرغبة ، وعن الخطبة بها فلم يفعل ذلك ، من حيث أعجب بها إما وصفاً أو مشاهدة على غير تعمد ، وقد كان لداود عليه السلام من النساء العدد الكثير وذلك الخاطب لا إمرأة له ، فنبهه الله تعالى على مافعل بما كان من تسور الملكين ، وما أورداه من التمثيل على وجه التعريض ، لكي يفهم من ذلك موقع العتب فيعدل عن هذه الطريقة ، ويستغفر ربه من هذه الصغيرة .
لاحول و لا قوّة إلاّ بالله هذه من مصائب المفسّرين بالظنّ ومن غير علم.
إخوتي في الله هذا ما وصلت إليه بعد تدبّر كبير أنّ نبيّ الله ذو القرنين هو نبيّ الله داوود بن إسماعيل بن إبراهيم عليهم السلام الذي تنزّل عليه الزبور و قد أفردت و أوردت حجّتي في المسألة و أسأل من الله التوفيق و السّداد و تصويب الرأي و الفهم من صاحب وحي التفهيم و صاحب علم الكتاب حبيبنا في الله و أخونا و قرّة أعيننا ناصر محمد اليماني.